شبكة قدس الإخبارية

في ذكرى "الكارثة والبطولة" سنُذكرهم بمجزرة دير ياسين

محمد سليمان
بينما كنت في إحدى غرف المنزل اليوم، دقتّ الساعة العاشرة صباحا حسب توقيت فلسطين المحتلة، وإذ بصفارات الانذار تدوي وكأنها في بيتنا، فهرولت مسرعا نحو غرفت أمي لعلها توافيني بالسبب، وفي طريقي القصيرة تهافتت لذهني عديدة الأفكار وصوتٌ بداخلي يقول متسائلا: أحربٌ هي! وآخر ذكرني بأن تاريخ اليوم الميلادي يوافق ذكرى "الكارثة والبطولة" الذي يُحيي فيه اليهود ذكرى المحرقة والمعاناة على يد هتلر وأتباعه النازيين. وعندما وصلت لأمي كنت قد تذكرت الأمر وعدت أدراجي وأفكر في غرابة أمرهم، يُشعرون العالم وكأنهم قمة في الشفقة والانسانية، لكن يأبى التاريخ أن يتستر عن الوحش القاتل الذي يرقد داخل أجسادهم المكسو بنفاق العالم الغربي. انسانيتنا تحثنا على أن لا نفرح على أفعال هتلر بحقهم، لكن أردت أن أعرف كيف يفكر الفرد منهم،ما هو مفهوم الضمير عندهم! وبأي مكيال يكيلون، وعن أي انسانية أصلا يثرثرون؟ ألا يعلمون أنهم سبب في ذكرى يومية لنكبة شعب بل أمة بأسرها، وأنه مهما دار تاريخهم العبري لسوف يجتمع في يوم ذكرى استشهاد بطل كعبد القادر الحسيني الذي استشهد وهو يدافع عن أرضه من المُحتل الغاصب، أو سيصبحون في اليوم التالي ليذكرهم التاريخ أنهم ارتكبوا يوما مجزرة بشعة في حق الانسانية جمعاء كمجزرة دير-ياسين. كنتم قوماً مظلومين فأصبحتم ظالمين والعبرة في الخواتيم، لن يقولوا أنكم خرجتم متعادلين لأننا بالطبع لسنا في مباراة كرة قدم، بل سيذكرون مذابحكم، وتمثيلكم بالجثث وبقر بطون النساء الحوامل ومراهنة جنودكم على نوع الأجنة، وعن قتل الأطفال والتمثيل بهم أمام أعين أمهاتهم، وتقطيع الأيدي والأوصال والأعضاء التناسلية، وقتل الأحياء حرقا، وترك الجثث عارية، بالإضافة إلى الممارسات المشينة بحق الفتيات الفلسطينيات الصغيرات، ومن ثم قاموا بذبحهن. هذه الافعال كفيلة بأن تصنفكم البشرية مع هلتر النازي وموسوليني الفاشي وستالين ولينين الشيوعيين، وغيرهم من سفاحي البشرية، ولا تختلفون عنهم إلا بالزمان والمكان، وتزيدون عنهم بالاحتلال وتحييك وتلفيق قصص، وإطاحة وتشريد شعب. ولا يكتفي التاريخ بهذا القدر من فضح أمرهم، بل يبرهن لنا على أنهم غيروا ذكرى "الكارثة والبطولة" من الرابع عشر من نيسان العبري إلى السابع والعشرين من نفس الشهر، لأن التاريخ الأول يصادف عيد الفصح، فما أرادوا أن يخلطوا الفرحة بذكرى مأساوية. قد بدلوا تاريخ حادثة جديدة العالم بأسره شهد عليها، فكيف بالتاريخ الذي يتحدثون عنه ولا يعرفه إلا من حاكهُ ومن صدق أكاذيبهم أو تماشى معها بغية التخلص منهم. وهو التاريخ نفسه يذكر لنا قصة تطاولهم على الخالق-عز وجل، في القصة المشهورة عندما مسخوا. هو التاريخ الذي ما إن يمسح الغُبار عنه سوف يبرهن خزعبلات حكاياتهم المزعومة التي لا تمت للواقع بصلة. وهل سننتظر بدورنا أسطورة يدعى التاريخ ليقوم من سباته، ويمسك بيد عباس ويذهب ليكشف للعالم أجمع من على منبر الأمم المتحدة تزييف وتسطير تاريخ ما كان، على يد قوم لا علاقة لهم بالارض المقدسة. أم سنعمل بأنفسنا على كشف المستور وكشف الألاعيب والتستر العالمي عن جرائم المُحتل الغاصب، الذي يظهر بوجهان ويفضل العالم رأيته والتعامل معه بوجه، وتركوا للعرب والمسلمين الوجه الآخر. ومني معلومة أكيدة إن كنا سننتظر الحل الأول، فسلام على الدنيا وما فيها، وسيبقى الجندي الاثيوبي يدوس ببسطاره على أشرف بقاع الأرض، لأن التاريخ لن يفعل ما ذكرتهُ وعباس سيبقى يضرب الأخماس بالاسداس من على نفس المنصة آنفة الذكر، ويحصل على فتات الحقوق، لأنه لا يعلم أن الأمم المتحدة وغيرها من قوى عالمية لم ولن ترجع للفلسطيني حقه. وأما لأصحاب الهمم وحاملي الآمال فلهم الحل الثاني، فلن ينفعنا الرقود ومتابعة ما يدور من غير فعل، بل لن تعود حقوقنا وأرضنا إلا بالفعل، وكشف التاريخ الذي هو في صالحنا كذلك من الفعل.