شبكة قدس الإخبارية

كمين الكتروني

سري حرب

إن الإنجاز النوعي الذي حققته المقاومة الالكترونية الداعمة والمتضامنة مع قضيتنا الفلسطينية العادلة باختراق عشرات المواقع الصهيونية الحيوية من أبرزها مواقع رئاسة الحكومة الصهيونية ووزارة الأمن والموساد والبورصة والمواقع تجارية وصناعية خاصة بالعدو الصهيوني، في هجمات كان مصدرها دول مثل كوسوفو وألبانيا والمغرب وتونس وتركيا وإندونيسيا ومصر والسعودية، والتي لم نكن نتوقع أن هناك أشخاص قادرين على شن مثل هكذا هجوم، يعد إنجازاً نوعياً فريداً من نوعه للمقاومة.

وفي ليلة متأخرة من مساء يوم السبت 6.4.2013 مليئة بالإحباط واليأس على الصعيد الفلسطيني خاصة فيما يتعلق بقضية الأسرى، وصل الحد بأن يقوم أهالي الأسرى المرضى بحفر قبور لأولادهم!! أتى هجوم الهاكرز ليضيء ليلنا ويثلج صدورنا، وينبهنا أن الأمل ما زال موجود، خاصة أن هجوم الهاكرز كان في أساسه دعماً لقضية الأسرى وعلى رأسها قضية الأسير المضرب عن الطعام لأكثر من 250 يوم سامر العيساوي.

لم أتصور أنه سيأتي يوم وأن أفتح موقع رئاسة حكومة بنيامين نتنياهو وأراه مخترقاً وأرى صورة سامر العيساوي تخترقه منتصرة. متأكد أن نتنياهو لم يعرف أن ينام وخشي أن يفتح بريده الالكتروني في تلك الليلة.

نعم تمكنت مجموعة من الهاكرز ببضع كبسات على الكيبورد من زلزلة العدو واختراق مواقع ذات حساسية عالية للعدو. من كان يتصور أنه يمكن اختراقجهاز الموساد؟ . من كان يتصور أن بورصة الصهاينة وبنوكها من الممكن أن تخترق ؟استطاع الهاكرز تحقيق انجاز نوعي فشلت الأنظمة العربية البالي ةحتى في التفكير بالقيام بشيء مثله!

هجوم الهاكرز على مواقع العدو الصهيوني هام وتوقيته مناسب جداً ويدعم تيار المقاومة من نواحي مختلفة سأعمل على توضيحها هنا.

الناحية الأولى هي أن صورة العدو كدولة من أكثر دول العالم تطوراً في تكنولوجيا المعلومات ومن المستحيل هزيمتها في هذا المجال قد تكسرت. حيث أن دولة العدو التي تتفاخر بتطورها تكنولوجياً، وتعتمد عليه في اقتصادها ويعدمن أهم مواردها الاقتصادية، وقفت عاجزة أمام هذا الهجوم، ووصفته وسائل إعلامها " بأنها حرب تشن على إسرائيل"، ادى بها إلى التوسل إلى أمريكا وفرنسا لحمايتها من هذا الهجوم.

في هذا السياق، قال الكاتب الفلسطيني زكريا محمد عن هذه الهجمة عبر صفحته على الفيسبوك: "يمكن وصف ما جرى بأنه حرب، حرب فعلية. وأنا أقترح أن تسمى (حرب السابع من نيسان)، على غرار (حرب الخامس من حزيران). علينا أن نسمي هذه الحرب، وأن لا نترك لإسرائيل تسميتها".

ثانياً، هذا الهجوم له أهمية كبرى على الصعيد المحلي. إذ يعتبر قطاع تكنولوجيا المعلومات من اكثر القطاعات تطبيعاً مع العدو، وتوجد شركات يتعامل فيها خبير ال " أي تي " الفلسطيني مع خبير ال " أي تي "الصهيوني بشكل طبيعي جداً، ووصل حد التطبيع إلى يكون هناك مدير صهيوني في شركات فلسطينية، متحججين أنه لا يمكن أخذ الفائدة إلا من العدو.

وقبل اسبوع نشر مقال على موقع (techcrunch) يتحدث فيه الكاتب عن تفاصيل التطبيع الفلسطيني الصهيوني في هذا المجال، وعن الآمال الفلسطينية بتحسين التكنولوجيا من خلال التعاون مع العدو. هجومالهاكرز هو رسالة لهذه الفئة: كفوا عن التطبيع في هذا المجال، ونعم هناك مصادر أخرى غير العدو يمكن الاستفادة منها والعمل معها على تطوير القطاع التكنولوجي الفلسطيني. لا تذهبوا للحلول السهلة التي يستغلهاالعدو في دعايته الاعلامية لإظهار صورته كدولة متسامحة جامعة تمد يد العون للفلسطينيين ولا تقهرهم وتقمعهم أو تميز ضدهم. هذه فرصة لكم للانضمام للحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل.

ثالثاً، كفانا سجالاً حول شكل المقاومة المسموح والشرعي. هل كانت مقاومةالهاكرز مسلحة؟ هل استخدموا شعار أن المقاومة المسلحة أو السلمية هي الطريق الوحيد للتحرير؟ منذ ولادتي وأنا أسمع هذا النقاش حول المقاومة المسلحة والسلمية، ويتحدث الناس عنهما أكثر من العمل في أي منهما!.ويتناسى كلا الطرفين أن الأهم هو بقاء المقاومة نهج باختلاف أشكالها، وأن نعطي للجميع الفرصة للمشاركة دون اقصاء، وأن يكون النهج المقاوم بشتى وسائله مغروساً في عروقنا وأعماقنا حتى التحرير.

وأخيراً، هذا إثبات أن صورة العدو كدولة لا تهزم هي نتاج برمجة خاطئة لعقولنا تتشارك فيها السلطة والأنظمة العربية مع العدو في محاولة بائسة لتثبيتها فينا، وقد تكسرت بالكامل أمام هجمات الهاكرز. أضف إلى ذلك أنتاريخنا القديم والحديث يثبت إمكانية هزيمة العدو وتحقيق إنجازات نوعية،فإضربات الأسرى الفلسطينين من أجل الحرية أثبت ذلك. اسألوا خضر عدنان وبلال ذياب وثائر حلالة والسرسك، والقائمة تطول يوماً بعد يوم. ايضاً أسألوا المقاومة الفلسطينية في غزة. وهذه رسالة للقيادة الفلسطينية التي تحضر نفسها لجولة جديدة من المفاوضات ( لا أعرف مفاوضات على ماذا؟ّ!). الوقت يستنفذ ولن تستطيعوا أن تبقوا على نهجكم هذا للأبد.

بالمناسبة وصلت خسائر العدو من هذه الهجمات إلى 2 مليار دولار وفق ما جاء حسب وسائل إعلامه.

في النهاية نشكر المقاومة الالكترونية على هذا الانجاز النوعي، على أمل أن تنتشر عدوى الابتكار في أساليب المقاومة فينا جميعاً.