شبكة قدس الإخبارية

مستوطنون في سبسطية والاستقبال فلسطيني!

رؤوف حواري

بالرغم من تواجد عدد من الصحفيين الفلسطينيين في البلدة وقت الحدث إلا أنه لم يتم ذكر أي خبر في وسائل الإعلام عن المشاهد التي تم رصدها في بلدة سبسطية يوم أمس الخميس. سأحاول في هذا النص إيجاز ما حدث من مشهد غير مألوف ويطرح كماً كبيراً من علامات الإستفهام في بلدتي "سبسطية".

تم يوم الأربعاء تبليغ بلدية سبسطية بشكل رسمي من محافظة نابلس عن تنظيم زيارة لمجموعة من الوفود الدولية التي ستصل صباح يوم الخميس برفقة عدد من الشخصيات الفلسطينية. وجرى تعميم الخبر على الجهات المعنية في البلدة لكي توفر الإستقبال والمرشدين وكافة التجهيزات الاخرى. حتى الآن هو خبر عادي وروتيني اعتاده الناس في سبسطية فالبلدة في السنوات الأخيرة لم تعد تخلو من الأجانب سواء كانو موظفين أم سوّاح، مقيمين أو عابري سبيل.

تتم التجهيزات لإستقبال الوفد الدولي فيتفاجىء المنتظرون بمجموعة كبيرة من سيارات المستوطنين بحراسة عسكرية اسرائيلية قد وصلوا للمكان، وبعد وقت قصير وصل محافظ نابلس جبرين البكري مع الوفد الفلسطيني المرافق له. إلى تلك اللحظة كان الجميع على يقين بأن وصول عدد المستوطنين في هذه اللحظة لم يكن أكثر من صدفة قد تعكّر من صفو الجولة التي سيقوم بها الوفد الدولي برفقة المحافظ وأهل البلدة.

في لحظة وصول محافظ نابلس للموقع وإقباله نحو تجمع المستوطنين بدأت كل الأمور تتداخل وعمّت فوضى - لم تطل كثيراً - إلى أن أيقن أهل البلدة كل المخطط الذي تم وضعه بعيداً عنهم. "الوفد" لم يكن وفداً دولياً كما قيل، بل هم وفد من المستوطنين من مناطق مختلفة أتوا "كسائحين" إلى البلدة ضمن مشروع لا زالت أبعاده غير واضحة، تتمحور فكرته الرئيسية كما أشيع حول "دعم سبسطية كبلدة سياحية -خارج الصراع- مستقرّة أمنياً".

بدأ المستوطنون وبصحبة المحافظ والمرافقين له بالإنتشار في البلدة، عبّر البعض من أهالي البلدة عن استيائهم من المخطط الذي كشف لهم في لحظة الصفر وانسحبوا بهدوء. بينما آثر عدد آخر البقاء "متفهماً للموقف وعارضاً خدماته في أن يكون مرشداُ للزوار غير التقليديين". أما ردود الفعل الغاضبة فاقتصرت على عدد من شباب البلدة الذين دخلوا في مناكفات ومشادات مع المستضيفين للوفد الزائر ومع جنود الإحتلال.

يذكر أنه في مواسم الأعياد اليهودية يتواجد المستوطنون في سبسطية، ولكن بعد أن يتم فرض اغلاق على البلدة وتقتصر زيارتهم على منطقة "ج" التي تحتوي المنطقة الأثرية ويمنع سكان البلدة من الدخول لهذه الأماكن أثناء الإحتفالات. أما هذه الزيارة فتعتبر الحادثة الأولى من نوعها لتمكن مستوطنين من الوصول لوسط البلدة، اضافة لدخولهم لمسجد البلدة الأثري ونيل قسط من الراحة في "بيت الزوار" والتجول في البلدة القديمة كلّ ذلك بحماية اسرائيلية فلسطينية لضمان نجاح هذه الزيارة غير المعهودة.

أثناء تواجدنا هناك يَظهر مراسل القناة الأولى العبرية ليتحدث مع أحد أصحاب المحلات التي تبيع التحف التذكارية للسياح، يعلق صاحب المحل للكاميرا: نحن نريد السلام والإستقرار، نحن نرحب بالجميع، نريد انتعاشاً اقتصادياً.

اذاً هكذا يريدون سبسطية، بلدة للتعايش السلمي الحضاري، يباهي بها محافظ نابلس نموذجاً للسكان المسالمين -يمتهنون فصل السياسة والتاريخ عن حياتهم - يرحبّون بالسائح حتى لو كان من المستوطنة التي قامت على أراضي بلدتهم.

يذكر بأن اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان في سبسطية قد بدأت منذ قرابة الشهر بتنظيم مسيرات اسبوعية نحو مستوطنة شافي شمرون احتجاجا على تصريف المياه العادمة من المستوطنة نحو أراضي المزارعين.

بين هذه المشهد والمشهد السابق يبقى الصراع قائماً بين من يسعى لإظهار الوجه المهادن الذي لا يرى أبعد من كون سبسطية مشروعاً سياحياً ولا يرى إعتباراً للمفاضلة غير المنفعة الإقتصادية، وبين المحاولات المتواضعه لخلق حالة رافضة لمشروع الإستقرار المزعوم على حساب حقوق أهل البلدة وخلق ارتباط بالبلدة يتجاوز ارتباطه بالمصالح الإقتصادية.

*الصورة هي الوحيدة التي استطعنا الحصول عليها من موقع الحدث.