شبكة قدس الإخبارية

مبادرة شبابية تحيي روح الثقافة بمكتبة جبل المكبر

صابرين صيام
بالقرب من أربع غرف مُهملة ملتصقة بجدران إحدى المدارس في حي جبل المكبر في القدس، تسمع أحيانا ضجيج أدوات كشافة جبل المكبر واحيانا تسمع لا شيء، يمر الجميع من هناك دون أن يتوقع أحد أنها ستتحول في مطلع الشهر الجاري الى مكتبة عامة تحوي كتبا متنوعة بتصميم رائع وألوان زاهية. قبل أشهر قليلة آمن عدد من الشباب المقدسين الذين اجتمعوا تحت اسم "شباب البلد" بالمقولة التي تؤكد أن الكتب ليست أكواماً من الورق الميت، وإنما عقول تعيش على الأرفف. وبادروا باحياء ذلك المكان الذي خصص في وقت سابق لتدريبات الكشافة، وتحويله الى صرح ثقافي صغير وقرروا بهمة عالية الارتقاء بثقافة أبناء بلدهم، فَربَ همة... أحييت أمة. ففي حي جبل المكبر الأكبر بين أحياء شرقي القدس المحتلة لا يمكنك أن تجد الا مكتبة واحدة تتبع احدى المدارس صغيرة الحجم فقيرة الكتب، ناهيك عن رفض معظم الشباب المقدسي التعامل مع المؤسسات التابعة لبلدية الاحتلال التي وإن كانت تفتح مكتبة هنا وهناك إلا أنها في ذات الوقت هي التي تهدم بيوت الفلسطينيين وتنكد عيشهم. من هنا لمعت فكرة انشاء مكتبة في اذهان شباب المبادرة بالتعاون مع شبكة المكبر الاعلامية. تقول وفاء عبده (22 عاماً) احدى المشاركات في مبادرة شباب البلد :"عمليًا كنّا جميعا مقتنعين بأهمية وجود مكتبة بالبلد، ومثقفو البلد وأدباؤها دائمًا كان يكرروا اهمية المكتبة، كان يجب علينا ان نحرك روح القراءة في نفوس الطلاب والاطفال، ولكن الكلام وحده لا يكفي، وكان علينا المبادرة حتى لو كانت بسيطة".

image_1364372395582094

ستة آلاف كتاب.. والترويج عبر الفيسبوك
بما يقارب الستة الاف كتاب ابتدأت هذه المكتبة مشوارها الثقافي، عمل شباب المبادرة على تجميعها عن طريق اطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان " كوكتيل كتب" والتي اخذت صدىً واسعا ودعما كبيرا، واستطاعت بذلك رفوف المكتبة ان تضم عددا جيدا من الكتب المتنوعة والمختلفة فتضيف وفاء: "الحملة التي نشرناها على الفيسبوك لاقت اقبالا واسعا من الناس والادباء والمثقفين وايضا بعض دور النشر والمؤسسات التي بادرت بالدعم سواء بالكتب او بالمعدات المكتبية". وفي الوقت الذي يشهد فيه الكتاب منافسين أقوياء يتمثلون في وسائل التكنولوجيا الحديثة تقول وفاء أنها وباقي المجموعة حاولوا جهدهم لاضافة العصرية على ديكور المكتبة لكسر الحاجز بين الشباب والقراءة، وتوضح ذلك بالقول:" نحن ندرك أن هناك مشكلة لدى الشباب في التوجه نحو المكتبات لذا حاولنا ان نكسر الحاجز بينهم وبين المكتبة باقامة حفل غنائي يوم افتتاح المكتبة، اضافة الى الدورات التدريبية التي ستقام هنا والتي تحاكي اهتمامات الشباب بشكل مباشر مثل الدبكة والدراما والرسم وغيره، اضافة الى ان ديكور المكتبة يُعد قريباً من عالم الشباب، وتواجد وسائل التكنولوجيا كالحواسيب والانترنت سهل لنا المهمة". بعد أن كان مكاناً مهملاً لا حياة فيه، أخذ الشباب على عاتقهم اعادة تنظيفه وترتيبه وتأهيله، لتعمّ فائدته على الجميع. كما قاموا بتأثيث المكان وتصميمه بشكل عصري. وقد قسمت المكتبة إلى أقسام: غرفة رئيسية للكتب وغرفة اخرى للورشات والسينما والتي تتسع لحوالي ثلاثين شخصاً، وغرفة الاطفال والتي خصص لها الحصة الاكبر في المكتبة والتي تعتبرها وفاء الاقرب الى قلبها :"غرفة مخصصة لأدب الأطفال، فيها إصدارات جديدة من القصص المخصصة لهذه الفئة العمرية، تصميمها مناسب لجيل الأطفال وملفت لنظرهم بألوان جذابة".

310297_193323370791316_1561301386_n

كما حوت المكتبة مسرحاً صغيراً للأطفال لأن هذه الفئة هي من الرواد الرئيسيين للمكتبة، و"نريد أن نعزز فيهم معنى القراءة والتعلق بالمكتبة"، على حدّ تعبير وفاء. وفي نهاية المكتبة تقع الغرفة الصامتة التي لا تحتوي كتبا، بل خصصت للقارىء الذي يحب أن ينعم بقراءة هادئة بعيدا عن الضجيج او حتى الهمس. في هذه المكتبة نجح أبناء مدينة القدس بهمتهم العالية في تأسيسها دون دعم مادي من جهة معينة، لكن من اجل تأثيت المكتبة وتجهيز مستلزماتها توجه شباب المبادرة الي الاقارب والاصدقاء والمؤسسات القريبة، فتلقت المكتبة دعما من اصحاب رؤوس الاعمال في المنطقة بمبالغ مادية جيدة، وعلى الرغم من انها محدودة كما عبرت فداء عويسات (22 عاما) احدى افراد المبادرة الشبابية لكن برأيها تلك المبالغ حققت بعضا من الحلم :" لقد شعرت ونحن نجهز هذه المكتبة كشعور ام تتابع طفلها الصغير ينمو، حلمي كان يولد امام ناظري، فكثيرا ما كنت احلم ولم اتوقع ان يتحقق حلمي، فهدفنا الاساسي نشر الوعي والثقافة، ودعم الابداع والتجديد". ويذكر أن مبادرة "شباب البلد" هي مبادرة شبابية، جاءت من اجل سد فجوات شح الخدمات الحياتية الضرورية في الحي، مثل الخدمات الثقافية والاجتماعية بالأخص.