شبكة قدس الإخبارية

"محميات الهنود الحمر" تُبعث من جديد

عنان حمد الله
أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تعطيل الدوام المدرسي في كل من مدينتي رام الله والبيرة؛ استعدادا لزيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما. وكان الإعلان مقترناً بالترتيبات الأمنية التي أعلنت عنها الأجهزة الأمنية الفلسطينية باعتبار المقاطعة ومحيطها والشوارع الممتدة إليها منطقة أمنية مغلقة، ينتشر فيها الالاف من قوات حرس الرئاسة لتأمين زيارة "الرجل الأبيض". وقد سبق ذلك تحضيرات قامت بها بلدية بيت لحم بإيعاز من "جهات عليا"، بإزالة مجسّم لفلسطين التاريخية كان مقاماً على مقربة من دوار كركفة. لا يمكن لمن يقف على هذا المشهد المُهين إلا أن يستحضر "محميّات الهنود الحمر" و"المناطق العسكرية المغلقة" –لكن هذه المرة بوكالة فلسطينية - التي أنشأها المستعمِر الأبيض بعدما أمعن في إبادة الملايين من سكان البلاد الأصليين في "أمريكا الشمالية" باسم التطور والحضارة، لُيتركوا للموت البطيء. وما أشبه البارحة باليوم، فمن مقولة جيمس بولدين نائب في الكونغرس ما بين عامي 1834-1839: "قدر الهندي الذي يواجه الانكلوسكسوني مثل قدر الكنعاني الذي يواجه الإسرائيلي: إنه الموت"، إلى مقولة باراك اوباما التي افتتح فيها زيارته إلى الكيان الصهيوني: "على الرغم من وعينا بالصعوبات لكننا لم نفقد الأمل بالعمل لإيجاد ”إسرائيل“ حرة. والولايات المتحدة كانت أول دولة اعترفت بإسرائيل قبل 65 عاماً، ونجمة داوود على العلم الإسرائيلي مع رموز ونجوم علمنا الأمريكي كانت تحارب مع بعضها البعض. 98 وأضاف (الرجل الابيض ذو البشرة السوداء) اوباما:" أنني اريد ان أجيب على السؤال الذي يسأل دائما، لماذا نقف الى جانب اسرائيل وندعمها دائما، لأنه يوجد لنا قصة مشتركة، الوطنيون الذين قرروا ان يكونوا شعبا حرا في وطنهم، الرواد الأوائل التي تشكلت الدولة على أيديهم". ولكن هنالك من لا يزال يعوّل على زيارة أوباما باسم السياسة والفهلوة واللعب بالبيضة والحجر، منهم من يُشبهُ الخمسين فردا من ممثلي "هنود" الشوكتو، الذين تلقوا رشاوى سرية من الحكومة الأمريكية ليوقعوا معها معاهدة "الأرنب الراقص" ليتخلوا فيها للولايات المتحدة عن أراضيهم مقابل المساعدة المالية للانتقال والتعويض عن الممتلكات. وبعد ما يقارب ال300 عام، كان لاتفاقية أوسلو أن تولد كما ولد "الأرنب الراقص"، عرّابوها أوعزوا اليوم إلى إعلان المقاطعة ومحيطها منطقة عسكرية مغلقة، ورام الله والبيرة وبيت لحم "محميّات فلسطينية لقطيع البشر" القاطنين فيها، وأقروا بملكية العدو للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وكما أصدرت الحكومة الأمريكية قرارا بتجريم أية محاولة للشوكوتو بإقناع بعضهم البعض برفض قرار التهجير، أصدرت السلطة الفلسطينية منذ نشوئها قرارات عديدة من هذا النوع، بدءا بالتنسيق الأمني لإجهاض المقاومة، وانتهاء بقرار الاعتداء الذي وقع بالأمس على المسيرة التي خرجت لرفض زيارة أوباما. ما لم ندرك أن الأمر لا يتعلّق بمجرد زيارة، بل بالتبشير بذات المصير الذي لاقاه السكان الأصليون على يد أمريكا، أي الفناء، سنجد أنفسنا نردد ما ردده أحد زعماء السكّان الأصليين متأخرا: "صدقني، إنها أحابيل، أنا أعرف سكاكينهم الطويلة جيدا! عاهدونا، ووعدونا بالكثير مما لم أعد أحصيه ولا أتذكره، لكنهم لم يحترموا من كل عهودهم ووعودهم إلا واحدا. قالوا بأنهم سيأخذون بلادنا منا وقد نفذوا ذلك فعلا".