شبكة قدس الإخبارية

قراءة في دور الشباب الفلسطيني

ماهر عرار

يفتقر الشباب الفلسطيني لنبوغ الإبتكار والإنتاج الفكري والسياسي، الأمر الذي أوجد حالة من التيه الشبابي واستتباعا دَفَعَ لحالة الاستنساخ على غرار تجارب الشباب العربي دون أن يترك الشباب الفلسطيني بصمته وخصوصيته على فعالياته ونشاطه السياسي والاجتماعي، أو أن شئت في نطاق مواجهته للأزمات التي تشهدها الساحة الفلسطينية وفي مقدمتها الانقسام السياسي الفكري بين غزة والضفة.

 في سياق قراءتنا لهذا الدور الشبابي لا يمكن إنكار بعض المحاولات الشبابية في الحالة الفلسطينية، لكن بالمجمل أيضا لا يمكن قراءة هذه المحاولات أو تصنيفها إلا في نطاق محاولات محدودة ذات فاعلية طفيفة، بمعنى أدق يمكن تعريفها في حدود لا تمثل أو لا تكتسب تعريف الحالة أو الظاهرة الشبابية على غرار ما شهدته الساحة العربية من نمو لدور الشباب وقوة أدائه وتأثيره قبل الربيع العربي وبعده.

وهناك أمثلة لدور الشباب، فعربيا افتقرت ساحتنا الفلسطينية لنماذج مشابهة لها لندرك الفوارق الطبقية والمعيارية بين الحالتين، ونخص في ذلك الساحة المصرية لرصد دور الشباب ومدى فاعليتهم على تشكيل المكونات السياسية أو الإنتاج والابتكار مثل حركة 6 أبريل والتي ابتكرها الشباب ورفعت شعارات الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي قبل ثلاث سنوات من الربيع العربي على أقل تقدير وحركة تمرد ذات الخصوصية المصرية التي تركت بصمة لهذا الشباب الملهم.

 في الحالة العربية عموما أعتمد الربيع العربي على أنه عصر الشباب الذي فجر دورهم وشكل ذروة استكمال مراحل هذه الفئة، بإعتراف الكيانات التقليدية لهذا الدور وبالتالي تشكيله لحالة سياسية شبابية قائمة بذاتها انتزعت حقوقها وأصبحت ذات نفوذ وتأثير حتى في صياغة خارطة المستقبل والتعطيل والتيسير.

 الملاحظ فلسطينيا أن حالة الشباب الفلسطيني تبعث على الرثاء، حيث غاب دوره المستقل والفاعل قبل الربيع العربي وبعده، ففي أحسن الأحوال فرض هذا الشباب الحالة الشبابية بالاسم دون بلورة أو ترجمة فاعلية لحالة سياسية سواء في الشارع أو في أوساط المجتمع سيما قاموس الكيانات السياسية ومعادلة النظام السياسي، لربما يرجع ذلك إلى رعوية الشباب الفلسطيني التي لا تجد فكاك عن تشابكات الحياة السياسية الفلسطينية، بمعنى آخر أن هذا الشباب بالأساس هو شباب منتمي ومنخرط في أطر نقابية سياسية حزبية نزعت عنه فاعلية الدور المستقل واستتباعا أسهمت في الفشل في فرض معادل شبابي في إطار مكون سياسي فاعل.

 إن لجوء الشباب الفلسطيني إلى إستيراد أو استنساخ التجارب العربية الشبابية (الحراك الشبابي 2011، وحركة تمرد في غزة 2013 ) على غرار حراك الشبابي العربي في بداية التحولات عام 2011 وحركة تمرد المصرية 2013 ،أظهر عجز الشباب الفلسطيني وإفتقاره لدوائر الأبتكار والأنتاج الفكري والسياسي حتى في حدود المحاولة، وبالتالي كان في حالة إستلهام واستنساخ أكثر منه انتاج وابتكار، دون مراعاة لخصوصيته أو دون دراسة وتأني، الأمر الذي لقي ترجمته في دور شبابي ظرفي أو مرحلي عبر عن حالة حماس شبابي سرعان ما تلاشت أو خفت صخبها، فأين الحراك الشبابي من شعار إنهاء الإنقسام ؟ وأين الشباب في حالة تمرد ؟ وأين الشباب عن دراسة أسباب فشله؟

ما يمكن إيجازه، هو أن الشباب الفلسطيني لا يزال رعوي الإنتماء أي غير مستقل أو عصامي سياسيا، وغير قادر على الخروج من صومعته الحزبية أو الإنفطام الحزبي الأمر الذي أنعكس أولا في سرعة إحتواء حماسه حزبيا وأعادته لحظيرة التنظيم (حراك شباب فتح ،وحراك شباب الجبهة ،وحراك شباب حماس الخ )، والحجر الصحي على تفكيره خارج نطاق آليات الحزب الأمر الذي أسهم في عدم قدرته على التكوين السياسي والإنتاج والخصوصية.

 أخلص إلى استنتاج مفاده أن الشباب الفلسطيني لم يستكمل دورته الطبيعية وقفزاته في الهواء كانت عفوية ومراهقة شبابية طبيعية، تعرف في سياق المحاكة والتقليد في أوساط الشباب لكن في هذه الحالة يأتي التقليد في إطاره العربي العام.