شبكة قدس الإخبارية

فراقٌ بدون الوداع الأخير...

هيئة التحرير

نابلس- خاص قُدس الإخبارية: حان الفراق، دون أن ينالا من العناق آخره، ولا أن يعلن صيحته الأخيرة في وجه القدر، وفي وجه سجانه الذي حرمه آخر نظرة وآخر وداع وآخر عناق، وحالت بينه وبين والديه، أسوار السجن.

وتوفيت والدة الأسير إبراهيم محمد رباح حبيشة من مدينة نابلس دون أن يتمكن من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها، وهو الذي يقضي حكمًا بالسجن لمدة 25 عامًا، قضى منهم 17 عامًا في الأسر.

اعتقل "إبراهيم" في 9 نيسان 2002، أثناء اجتياح نابلس وبعد أن طورد لسنواتٍ طوال، وقد تعرض لعدة محاولات اغتيال وأصيب إصابات خطيرة حتى أنه قد تم نعيّه في إحدى المرات وإعلان شهادته بعد أن أصابته إحدى القذائف في صدره، وتعتبره إدارة سجون الاحتلال أحد أخطر الأسرى، فهو من المحرضين على الدفاع عن قضاياهم وقد خاض عدة إضراباتٍ وتم قمعه ونقله من سجنٍ إلى آخر مراتٍ كثيرة، حتى قبع في كافة السجون.

أما عن والدته، فقال "إبراهيم" لرفاقه بالسجن ذات مرة، كنتُ أعلم أن أمي مريضة بالسكري والضغط، لكن لم أعلم أن هناك صعوبة في المشي وأن ابنائي يساعدونها على الحركة، كانت في كل زياره تسألني متى سيسمح لي، بالتصوير معك؟ ومتى سيسمحو لي أن أضمك إلى صدري؟!

في الصورة المنشورة بالأعلى، قال إبراهيم لوالدته يومها: "أمي اليوم سيسمح لك بالدخول للتصوير معي، اليوم سأضمك إلى صدري وأنعم بدفء حنانك" يضيف الأسير "عندما أخذوني لمكان التصوير كانت ابنتي الكبيرة قد أوصلت أمي لهناك ولم أرى أنها تمشي بصعوبه بالغة ووقفت أمي مستندة إلى الحائط حتى لا ألاحظ أنا وضعها الصحي".

ونقلًا عن "إبراهيم" قوله: "ما إن رأيتها حتى ركضت نحوها وركعت أقبل قدمها ولكن للأسف لم تتمالك امي صحتها فسقطت على الأرض وعلمت ساعتها أن أمي لاتقوى على الحركة، بكيتُ وبكيت وحملتها ووضعتها على الدرج وجلست على ركبتي وضمتني أمي ضمة لم أشعر بها إلا في طفولتي وبكيت واقشعر كل بدني".

والد الأسير "إبراهيم" توفي أيضًا قبل أن يتمكن من عناقه، وبعد أن عانق الزجاج الفاصل بينهما في الزيارة الأخيرة، وكأنه كان على علمٍ بمنيته، حين قال الأسير إبراهيم عن والده: "في آخر زيارة لوالدي كانت دموعه تنهمر بكثرة من عينيه لكن وجهه باسم مما جعلني أستغرب هذا الموقف فقلت له: "بكفي يا حج دموعك غالية عليّ، فأنا والله رضيت بما قسمه الله لي من هذه الحياة، فاشتد بكاء الوالد وقال" أنا لا اأكي ولكن عيوني اشتاقت لك يا أبا احمد، الله يرضى عليك".

وبحسب "إبراهيم": "انتهت الزيارة وتحرّك الوالد خارجّا وتحركتُ نحو الزجاج البارد الجاف الذي يفصله عنّه وقمت بتقبيل يده من خلف الزجاج، حتى ألقى والدي بجسده على الزجاج وهو يبكي بشدة. كنتُ أهم بالخروج من الباب حتى صرخ باقي الأسرى وأشاروا لي على مكان الزيارة، فوجدت والدي يبكي وقد عانق الزجاج فأسرعتُ نحو الزجاج كما المجنون وأخذت أقبله"، بعد أسبوعين من الزياره غادر الوالد الحياة وهو محروم من معانقة إبراهيم.

لكنّ المحن الكثيرة التي تعرض لها، لم تهزم عزيمته، فقد كان صاحب همّة قوية، وابتسامة دائمة، وحصل داخل سجون الاحتلال على شهادة الثانوية العامة بتقديرٍ جيدٍ جداً، كما ودرس الإعجاز القرآني وأصول الحديث في جامعة شهداء الأقصى بغزّة.

عائلته تعرضت لمحنٍ كثيرة، ومضايقات من الاحتلال، أولها اعتقال "إبراهيم" دون علمه بأن زوجته حامل بالشهر الأول، وبعد 3 شهور من التحقيق القاسي علم أن زوجته حامل ولم يرى ابنته المولودة إلا بعد 3 سنوات.

ففي عام 2005، تم إخباره أن له زيارة أهل فاستغرب ذلك، لأن الزيارة آنذاك، كانت لأهل طولكرم وليس نابلس، وعندما وصل إلى قاعة الزيارة وإذا بابنته الكبرى وكان عمرها وقتها 8 سنوات، وابنه أحمد الذي كان عمره 6 سنوات ومعهم طفلة عمرها 3 سنوات تشير نحو "إبراهيم" وتقول: "هيو هيو بابا"، اشتركت الدموع بالضحك.

والأسير إبراهيم رباح محمد حبيشة موالد (45 عامًا)، من مدينة نابلس وهو متزوج وله أربع أولاد (2ذكور+2إناث)، كان يعمل في البناء، أصبح مطاردًا واعتقل ليقضي حكماً بالسجن 25 سنة، بتهمة مقاومة الاحتلال والانتماء لكتائب شهداء الأقصى.

  • مصادر المعلومات منشورة عبر المواقع الإلكترونية