شبكة قدس الإخبارية

قرية عتير في مواجهة سياسة التهجير الإسرائيلية

هيئة التحرير

تكرر في الأيام الأخيرة اسم قرية "عتّير" في الأخبار التي تحدثت عن هدم بيوت وقلع أشجار وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية التهجيرية. نوضح هنا بعضاً من أطراف قصة عتير.

قرية عتير هي قرية فلسطينية بدوية تندرج تحت إطار ما يُعرف بالقرى غير المعترف بها من قبل الحكومة الإسرائيلية في النقب، وهي من ضمن ما يزيد عن 35 قرية مهددة بالهدم ومصادرة أراضيها ضمن ما يعرف بمخطط برافر-بيغن.  يقطنها أبناء عشيرة أبو القيعان، وتقع شمال شرق بلدة حورة في النقب بالقرب من خط التماس بين الضفة الغربية والخط الأخضر، جنوبي جبل الخليل.

يعيش شكان عتير على أراضي قريتهم منذ العام 1956، بعد أن اقتلعهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من بيوتهم في خربة "زبّالة" (اليوم هي جزء من الأراضي الزراعية التابعة لكيبوتس إسرائيلي باسم شوفال) التي أجبروا على إخلائها  عن طريق أمر خطّي سلّمه لهم آنذاك الحاكم العسكري. وعندما عبّر السكان عن اعتراضهم على هذا الأمر في حينه بدأت قوات الاحتلال بإجلاء المسنين عنوة، ثم تمّ سجن البعض أو تفريقهم على القرى البدوية الأخرى، وسمح لهم بالبقاء فوق أراضي عتير الحالية.

يتم عادة الإشارة إلى قرية عتير مقترنة بقرية أم الحيران، وهما قريتان توأمان، ونشأتا في الظروف نفسها. عندما رحل أهالي خربة "زبالة" استقروا في الأراضي التي سمحت لهم قوات الاحتلال باستخدامها، وأقاموا قريتين "عتير وأم الحيران"، ولم يكن عددهم آنذااك - في 1956 - يتجاوز 100 نسمة، أما اليوم فيزيد عدد سكان القريتين عن 1500 نسمة، يعيشون فيما يقارب 200 منزل.

وبعد مضيّ أكثر من خمسين عاماً على عملية التهجير الأولى التي تعرضوا لها، تسعى حكومة الاحتلال لطردّ السكان مرة أخرى بحجة أنهم "تسللوا" إلى "أراضي دولة" وعاشوا عليها بشكل مخالف للقانون.  وبحسب تقارير مركز عدالة الحقوقي في الداخل، كانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت في تموز من  العام 2002، أنه ستتمّ إقامة مستوطنة هودية جديدة تدعى حيران في المنطقة التي يسكنها أهالي عتير وأم الحيران. ويستند قرار الحكومة في هذه المسألة، بشكل أساسيّ، إلى تقرير "دائرة أراضي إسرائيل" للعام 2001، الذي أدرجت فيه خطط لبناء 2,000 وحدة سكنية للعائلات اليهودية في "حيران"، ويعرّف التقرير الوجود البدويّ هناك، بشكل واضح، بأنّه "عقبة خاصة".

آخر المستجدات

هدمت قوات الاحتلال في السادس عشر من  الشهر الجاري - أيار 2013- 18 منزلاً من منازل عتير، واقتلعت ما يقارب 400 شجرة زيتون من أراضي القرية. وقد منعت قوات الاحتلال خلال عملية الهدم هذه أي شخص من خارج القرية من الدخول إليها وحوّلتها إلى ما يشبه المنطقة العسكرية المغلقة. وقد شوهدت عشرات الشاحنات الإسرائيلية تخرج من القرية في ذلك اليوم محمّلة بالأشجار المقتلعة والممتلكات الخاصة.

[caption id="attachment_16187" align="aligncenter" width="384"]أثناء عملية الهدم ، تحميل خراب البيوت في شاحنات أثناء عملية الهدم ، تحميل خراب البيوت في شاحنات[/caption]

يوم السبت الأخير 25 أيار، قام متطوعون ونشطاء فلسطينيون بإعادة بناء جزء من البيوت التي هدمت والتي تعود لأهالي عائلة شحدة أبو القيعان، لكن مع صباح يوم الأحد قامت وزارة الداخلية الإسرائيلية، بإلصاق أوامر هدم على البيوت التي تم إعادة بنائها.

[caption id="attachment_16186" align="aligncenter" width="420"]متطوعون يعيدون بناء أحد البيوت في القرية متطوعون يعيدون بناء أحد البيوت في القرية[/caption]

هذا ويخوض أهالي عتير وأم الحيران نضالاً عسيراً في المحاكم الإسرائيلية منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، في محاولة منهم لكبح جماح السلطات الإسرائيلية التي تسعى لتهجيرهم وتهويد المنطقة. فبعد أن قدمت الحكومة الإسرائيلية في العام 2004 دعاوى لإخلاء كل بيوت القرية، قام السكان البدو بتقديم ادعاءات الدفاع - بواسطة مركز عدالة - والتي تمحورت حول حقهم التاريخي في السكن والتصرف في أراضي القرية، وأن ترحيلهم لصالح بناء مستوطنة يهودية هو أمر غير شرعي وينتهك حقوقهم الأساسية في الكرامة والتملك والمساواة.

وبما أن القضاء الإسرائيلي لا ينفصل بالضرورة عن سياسات الحكومة الإسرائيلية، فمن غير المستغرب أن تكون قرارات المحكمة لصالح الحكومة. فقد أقرت المحكمة المركزية الإسرائيلية في بئر السبع أوامر الإخلاء وقالت بأن حقيقة تخصيص تلك الأراضي للسكن لا يعني بالضرورة حق البدو في السكن فيها.

وهكذا تبدأ سلطات الاحتلال بتنفيذ مخططها لإخلاء القرى البدوية، وهي تبدأ فعلياً بتنفيذ مخطط برافر- بيجن حتى قبل تحويلة إلى تشريع في الكنيست الإسرائيلية. هذا المخطط في حال تنفيذه سيشرد أكثر من 45 ألف نسمة في النقب، ويهدد بضياع أكثر من 800 ألف دونم من الأراضي لصالح السلطات الإسرائيلية والمشاريع الاستيطانية في النقب.