شبكة قدس الإخبارية

أبو علي شاهين : "لا تتركوهم يفرطوا في فلسطين .."

سميح خلف

عندما يقول أبو علي شاهين: “لا تتركوهم يفرطوا في فلسطين ويبقوا مغتصبين لفتح”

بداية، قالها القائد المعلم أبو علي شاهين ذاك الرجل والفارس الراحل من فرسان حركة فتح وقادتها الصادقين الصدوقين الذين مضوا على العهد وعلى الخط الثوري والنضالي لما هو معلن وما هو مخفي لدوره العظيم في توجه بوصلته نحو العدو الصهيوني وما كان يمارسه في الظل ضد المتأسلوين وضد المتجنحين وضد المنحرفين في إطارات حركة فتح، هذا الدور الذي لا يعرفه الكثيرون عن دوره الثوري والمتأصل والمتجذر في أصول نشأة حركة فتح وهي النشأة الحقيقية والمتجه الصحيح الذي انطلقت من أجله حركة فتح وهي قضية النزوج واللجوء واحتلال الأرض الفلسطينية من قبل برنامج صهيوني ارتبط إقليميا ودوليا بتواجده على الأرض الفلسطينية.

أبو علي شاهين وإن حضر مع مربعات أوسلو، ولكن كان لأبو علي شاهين خطوطه الخلفية مع الثورة والثوار والمحافظين على البندقية الفلسطينية، بالطبع ضد برنامج أوسلو برمته.

قالها أبو علي شاهين ولي شخصيا عندما تشرفت بزيارته ودار حديث ثنائي بيني وبينه في مستشفى الشفاء في العناية المركزة، لقد فهمت طبيعة مرض أبو علي شاهين والأعمار بيد الله، وقلت حينئذ أن هذا المرض المستعصي الذي أتى بفشل كلوي وكبدي لن يخرج منه هذا القائد إلى الحياة المادية مرة أخرى، بل أيامه معدودة، ولذلك كان الحوار وفي جمل محددة، قال لي:”استمر يا سميح فأنت على حق وهم على باطل، ولا تتركوهم يفرطوا في فلسطين ويبقوا مغتصبين لفتح”.

 الجحود والحقد الذي لاقاه أبو علي شاهين من المتجنحين ومفترسي تاريخ حركة فتح ومن تاجروا بشرفائها ترجم في حالة الإهمال وعدم الإكتراث معنويا وماديا بحالة قائد كبير كأبو علي شاهين.

 لن نتحدث عن تاريخ أبو علي شاهين المعروف من إنشاء حركة الشبيبة وتأسيسها ودعمها ثقافيا ونضاليا، حركة الشبيبة التي تبشر بالعطاء إلى يومنا هذا وللأجيال القادمة، حركة الشبيبة الفلسطينية التي أفرزت قيادات نتمنى لها التوفيق على خط الكفاح المسلح واسترجاع الأرض، آملين من الله أن يهديهم سواء السبيل من أجل أن يبتعدوا عن مغتصبي حركة فتح ومنتهكي أعراضها وأعراض شعبنا الفلسطيني المادية والوطنية، أبو علي شاهين الذي مكث في سجون الإحتلال أكثر من إثني عشر عاماً في زنازين خاصة وأبعد إلى جنوب لبنان، أبو علي شاهين من مؤسسي الرصاصة الأولى، وباني أولى الخلايا في طوباس ونابلس والخليل وجنين، هذا هو أبو علي شاهين، ليس الرجل الأوسلوي، ولا من تجار أوسلو كما شوهه البعض، بل كان صلبا ومتمرسا في بناء الأجيال على خط الكفاح المسلح الذي يرفض كل الهذيان الأوسلوي ثقافة ومظهرا ومضموناً.

 أبو علي شاهين ليس جنرال أو لواء أركان حرب أو من تصفهم الصحافة بما لا يستحقوا، بل أبو علي شاهين هو الرجل الذي نبت من بقعة من بقاع اللجوء والنزوح من وسط المعاناة الفلسطينية في مخيماتها، فقد لمس الظلم من قريب وبعيد، من حياة شاقة لها مفهوم واحد أنه يجب العمل على أن يعود أبو علي شاهين والشعب الفلسطيني إلى أرضه التي اغتصبت بالمشروع الصهيوني.

 أبو علي شاهين قائد شعبي، قائد تنظيمي، قائد عسكري، قائد ومعلم في الثقافة الوطنية، هذا هو أبو علي شاهين باختصار فهو أكبر من كل المسميات، وأكبر من كل دعاة التصفيق وأكبر من كل جمل التبجيل، وهو أكبر من الأقزام الذين هوتهم غطرستهم ألا يجاملوا حتى بأقل الجمل أو الإتصال مع قائد عظيم وكبير مثل أبو علي شاهين.

 إن رحلت يا أبا علي فإن الحزن لوارد، وإن القلوب لترتجف، وإن الدمع سيسيل، دمع الرجال ودمع من فقدوا أخاً عزيزاً وقائداً مناضلاً ورفيق درب لم ينته بعد ولم تنته المسيرة، بل مسيرة الثوار والثورة يا أبو علي شاهين مستمرة رغم نشاط المنبطحين والمتجنحين والذين وضعوا أدبيات حركة فتح في أدراجهم، بل وضعوها في محل النسيان كما أرادوا، ولك إرادتنا ستبقى على العهد وستبقى وفية للقسم، فهذا هو المشترك بيننا، وها هي أرض فلسطين مازالت كلها محتلة، وها هم المبرمجون موجودون كعادتهم منذ عقود لكي تنحرف مسيرة النضال والكفاح المسلح كطريق للعودة.

عهدا وقسما يا أبا علي شاهين، إن ذهبت كجسد مادي فإن روحك وعطائك وتاريخك سيبقى في خلايا أدمغتنا فكرنا وعملاً وممارسة وآليات وأكثر من رسالة حملتها لنا يا أبو علي شاهين أن نهتم بجيل الشباب والشبيبة وندعم ثقافتهم الوطنية ضد المغيبات وتشوية التاريخ والتجربة، فعهدا وقسما لن تننازل عنه لو انطبقت السماء على الأرض ومهما عانينا وقاسينا كما عانيت وقاسيت ليس من عدوك فقط بل من التيار الفئوي في الضفة الغربية، هؤلاء الحاقدين، عهدا وقسماً على الطريق يا أبو علي شاهين فإلى المجد والخلود، إلى الجنة التي وعد الله بها المجاهدين والمناضلين من أجل الله والوطن ومع من وقفوا مع المستضعفين من شعبهم أبناء المخيمات، أبناء اللجوء فأنت واحد منهم فإلى جنة الخلد فأنت الخالد في تجربة حركتنا، لك المجد.. لك المجد.. لك المجد.