شبكة قدس الإخبارية

صياد "الإنجليز"

محمد الخطيب

في العام 1905 فتحت بلدة حزما الواقعة شمال شرق مدينة القدس المحتلة، على موعد مع ولادة الثائر علي كنعان، الذي وما إن بدأ يكبر حتى لاحظ الناس مهارته في الرماية وتطوير الأسلحة.

حكاية كنعان بدأت مع الثورة عندما اعتقل من قبل شرطة الاحتلال البريطاني، حيث كان بحوزته في ذلك الوقت مسدس وكمية من الرصاص كان يحاول نقلها للثوار في شرق رام الله، في وقت كانت فيه سلطات الانتداب البريطاني تشدد وتجرم كل من يقتني سلاحا أو يتم ضبط الرصاص بحوزته، وتلاحق كل من يحاول مساندة الثوار، تزجهم في السجون وتعذبهم.

في ذلك الوقت، كانت البلاد تشهد هجرات كبيرة لليهود في فلسطين، مما جعل الفلسطينيين يتنبهون للخطر المحدق ببلدهم، والتغيير الديمغرافي الحاصل لصالح أعداد اليهود الذي بدأ يفوق عدد السكان الأصليين، الأمر الذي دفعهم للثورة على البريطانيين الذين كانوا يسهلون هذه الهجرة.

عقب اعتقاله حكمت المحكمة البريطانية العسكرية بالسجن لمدة 5 سنوات  على علي كنعان، واعتقل في سجن نور شمس في طولكرم، وبعد أقل من عام من الاعتقال تمكن من الهرب، والانضمام إلى صفوف الثوار خلال ثورة العام 1936.

اشترك علي بعدد من العمليات التي نفذها الثوار ضد الانتداب، خاصة في منطقة القدس وريفها وباديتها، وبات يشكل خطرا على الجيش البريطاني في ذلك الوقت، حتى بات يصفه بأنه أخطر المطلوبين لديها.

وفي أحد الأيام نصب علي كمينا استهدف دوريات الجيش البريطاني، بالقرب من البحر الميت تحديدا على طول شارع أريحا- القدس كان الجيش في حينها يحمي القوافل التي تنقل الملح منه.

كمن علي ومجموعته للقافلة، موقعين عشرات القتلى والجرحى، وقيل في حينها أن سيارات الجيش البريطاني امتلأت بجثث الجنود، للحد الذي باتت فيه دماؤهم تسيل من سيارات الإسعاف التي كانت تنقلهم إلى المستشفيات، في حين فإن هذه العملية كانت بمثابة ثلج على قلوب المقدسيين المحروقة من المجازر التي ارتكبت بحقهم، في وقت أصيب علي برصاصة في قدمه.

ثارت ثائرة المندوب السامي بعد هذه العملية، حيث جند مئات الجنود لملاحقة علي ومجموعاته، حتى تم رصده مع رفيقه سليم خطاب في منطقة شرقي حزما في منطقة تسمى واد الغزال.

في السادس من آب عام 1938 حاصرت القوات البريطانية المجموعة وطوقتهم واشتبكت معهم إلى أن استشهد سليم، فيما بقي علي يقاوم القوة العسكرية، في معركة غير متكافئة، قاومهم من أسفل الجبل بينما كانوا هم على قمته، إلى أن تمكن من قتل أحد الجنود الذين كانوا يطلقون النار من رشاش كان يسمى في حينه "بمتر اللوز".

استمر الاشتباك لساعات، قتل علي خلالها جندي آخر، غير أنه وخلال محاولته الانسحاب أصيب برصاصة بشكل مباشر في قلبه.

نزل اليه جنود الانتداب بعد أن اعتقدوا أنه استشهد، وعندما وصلوا وجدوه على قيد الحياة، فأخذ أحد الضباط سلاحه وقال:"هذا علي كنعان لا تقتله إلا ببارودته"، وأطلق عليه النار بشكل مباشر، وارتقى شهيداً مع رفيقه سليم، وبعد أيام دفنه الأهالي في مقبرة بلدته حزما.