شبكة قدس الإخبارية

دراسة: معظم طلاب الثانوية العامة يكملون تعليمهم الجامعي بصورة عشوائية

هيئة التحرير

رام الله - قدس الإخبارية: أظهرت دراسة صادرة عن مركز صفد للبحوث السياسية أن معظم الطلاب الفلسطينيين الذين اجتازوا مرحلة الثانوية العامة (الإنجاز) يتوجهون إلى إكمال تعليمهم للمرحلة الجامعية بصورة عشوائية غير مبنية على معايير مدروسة تراعي احتياجات سوق العمل، ويكررون أخطاء من سبقهم خلال السنوات الماضية، بالالتحاق في نفس التخصصات التي تعاني من ارتفاع كبير في نسب البطالة في صفوف خريجيها.

وبحسب معطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني، فقد وصلت نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعات من مختلف التخصصات خلال العام الأخير 2017 حوالي 56% في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل عام.

وأضافت: "هذه المؤشرات التحذيرية، لم تثنِ أهالي الطلاب عن إلحاق أبنائهم الطلبة بالجامعات والكليات والتخصصات التي يعلمون أنها لا تملك نصيبا كبيرا في سوق العمل، وبالأخص التخصصات الإنسانية التي تحتل المرتبة الأولى في أعداد خريجيها من الجامعات الفلسطينية المختلفة، وتعاني هذه التخصصات من أكبر معدل للبطالة من بين بقية التخصصات".

تخصصات تزيد البطالة

وأوضح الدراسات أن تخصص العلوم المالية والمصرفية المرتبة الأولى في التخصصات التي درسها الفلسطينيون الحاصلون على شهادة الدبلوم المتوسط أو البكالوريوس خلال الثماني سنوات الماضية بنسبة وصلت إلى (27%)، في الوقت الذي وصلت نسبة الملتحقين بالتخصصات المرتبطة بالعلوم التربوية وإعداد معلمين إلى (15%)، وتخصصات الصحة (10%)، والعلوم الإنسانية (9%)، والعلوم الاجتماعية والسلوكية (8%)، وباقي التخصصات (31%).

ووصل معدل البطالة بين الإناث الحاصلات على شهادة الدبلوم المتوسط أو البكالوريوس في تخصص الحاسوب 83%، العلوم إنسانية (80%)، العلوم التربوية وإعداد معلمين (77%)، العلوم الاجتماعية والسلوكية (76%)، الخدمات الشخصية (75%). في حين وصل معدل البطالة بين الذكور، العلوم الطبيعية (54%)، الرياضيات والإحصاء (49%)، العلوم التربوية وإعداد معلمين (47%)، الصحافة والإعلام (45%)، العلوم الاجتماعية والسلوكية (43%).

وبحسب ما رصده “مركز صفد للبحوث السياسية والاجتماعية” فقد بلغ عدد المتقدمين لامتحان شهادة الثانوية العامة “الإنجاز” في العام الدراسي 2017/2018 الماضي، حوالي 77 ألف طالباً وطالبة، ونجح منهم النصف، وبلغ عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية حوالي 40 ألف خريج وخريجة، في حين ما يتم استيعابه في سوق العمل يبلغ حوالي 8 آلاف خريج بالوظائف الحكومية والقطاع الخاص، أي ما نسبته حوالي 20%، ويلتحق نسبة كبيرة من بقية الخريجين في أعمال حرة خارج تخصصهم.

وأشارت الدراسة إلى أن بيانات نقابة المحامين الفلسطينيين تؤكد إلى وجود مئات المحامين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ممن ينتظرون أدوارهم منذ مالا يقل عن خمسة أعوام للدخول في مجال التدريب، نظرا لوجود آلاف الأسماء المتراكمة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي دفع النقابة إلى إطلاق نداء لطلبة التوجيهي وأهاليهم لعدم الدخول في هذا التخصص لمنع تراكم المزيد من المحامين العاطلين عن العمل وبالتي تحويل المشكلة من بطالة مبطنة إلى بطالة متفشية.

ووفقاً للدراسة يتخرج سنويا من 14 جامعة فلسطينية مالا يقل عن ألف دارس للحقوق، ونظرا لارتباط مهنة المحاماة بالحركة الاقتصادية في البلاد، من عمليات تجارية وتسجيلات عقارية وغيرها، ونظرا لكون هذه الحركة يعتريها الركود في الوقت الحالي، فإن ظاهرة البطالة في مجتمع المحامين آخذة بالتفشي، وأصبح عشرات المحامين يتجهون للجانب الجنائي المتعلق بهذه الحركة الاقتصادية، من شيكات راجعة وعمليات نصب واحتيال، وهي قضايا تعتبر جانبية في عمل المحامي.

أما الهندسة فتظهر الدراسة أنه وفقاً لسجلات نقابة المهندسين فإن تعداد المهندسين في كافة التخصصات بالضفة المحتلة لوحدها قد بلغ 22 ألف مهندس ومهندسة في نهاية عام 2017، ينتسب منهم حوالي 9% فقط للنقابة معظمهم يحصل على فرص عمل دائمة أو مؤقتة، في حين يبقى 91% منهم بلا عمل، الأمر  الذي يشكل تحديا مستقبليا أمام محدودية فرص العمل وارتفاع نسب المنافسة على هذه الفرص مما يزيد من معدلات البطالة.

وبحسب دراسة أجرتها النقابة على مدار خمس سنوات، فإن هذه النسبة في تزايد مستمر، نظرا لتزايد أعداد الخريجين المتراكمين على صفوف البطالة، نتيجة تزايد أعداد الطلبة الملتحقين بالجامعات الفلسطينية عاما بعد عام، مقابل قدرة سوق العمل المتدنية على استيعاب هذا العدد الهائل من الخريجين.

الابتعاد عن الصحافة

أما في الصحافة فقد بلغت نسبة البطالة وفقا لبيانات جهاز الإحصاء المركزي حوالي 42%، وهو بحسب نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر، مدعاة لامتناع طلاب التوجيهي ممن يتجهون للدراسة في الجامعات الفلسطينية للامتناع عن الدخول في كليات الإعلام لدراسة إحدى تخصصات الصحافة أو الإعلام.

وتزيد نسبة البطالة لدى فئة الإناث عما هو موجود لدى فئة الذكور، فهي تصل إلى أكثر من 89% مع العلم أن نسبة طالبات الصحافة تزيد عن النصف من مجموع الطلاب المنتسبين لكليات الإعلام في الجامعات الفلسطينية.

وتعود أسباب ارتفاع نسبة البطالة بين خريجي الصحافة في فلسطين، إلى محدودية المؤسسات الإعلامية المحلية القادرة على استيعاب أعداد الخريجين الذي لا يقل سنويا عن الألف، ولا يجد سوى عدد منهم فرصة عمل، وغالبا ما يكون هذا العمل غير مجد ماديا.

ولفتت الدراسة إلى أن نتائج البطالة دفعت بوزارة  التربية والتعليم إلى تطبيق خطة ليس لمعالجة الوضع القائم، ولكن خطة تهدف إلى وقف المزيد من النزيف، من خلال دمج بعض المواد المتعلقة بالتعليم المهني والتقني في المناهج التعليمية، بقصد تثقيف الطلاب عن هذا المجال من التعليم.

وبدأت بتطبيق هذه الخطة من الصف السابع الإعدادي إلى التوجيهي، وشنت خلال السنتين الماضيتين حملات توعية وتوجيه بقصد خلق وازع رغبة لدى الطلاب في تلك المراحل للتوجه نحو هذا النوع من التعليم، ولكن ونظرا لكون هذه الآلية حديثة عهد، فهي لم يمض على تطبيقها سوى عاما، لا يمكن لمس أثر واضح على الطلاب، ولم تحدث تلك النتيجة الواضحة في توجهات الطلاب، لكنها تمكنت من خلق حالة بحثية ومثار اهتمام لدى الأهالي والطلاب والمجتمع الفلسطيني ككل.