شبكة قدس الإخبارية

عندما كنّا من الأموات

تيسير سليمان

القصة كاملة ما قبل ٢٥ عام ، مثل هذا اليوم كنت من الأموات، في غرفة صغيرة بشوارع مدينة بيت لحم، هكذا قال لي صديقي خالد الزير ومعه سليم صبيح "اعتقدنا أنك مت".

بعد اكثر من ساعة وخلال عملية جراحية حساسة لي لإستخراج رصاصة في أسفل البطن قال لي الدكتور "كُتب لك عمر جديد فأهلا بك مرة أخرى للحياة".

قبل الإصابة بدقائق بسيطة كنا على موعد جديد لعملية جديدة ونوعية تقوم بها الوحدة الخاصة لكتائب القسام بمدينة القدس، عملية متميزة ولكنها الأخطر من حيث التنفيذ والآثار المترتبة عليها كانت العملية بين أكبر معسكر عسكري للاحتلال ومطار القدس المحتل الذي تسطير عليه قوات الاحتلال.

الهدف الرئيس للعملية هو جنود الاحتلال المسلحين و الإستمرار بالخطط المقاومة العسكرية لكتائب القسام لأسر جنود الإحتلال المسلحين ومحاولة تنفيذ عملية تبادل لأسرى المقاومة داخل سجون الإحتلال كان ومازال وعداً علينا وعلى كل مقاوم أن نعمل لتحرير أبطال المقاومة من سجون الاحتلال الإسرائيلية.

وكانت البداية كما كل عملية للمقاومة وهو الرصد الدقيق للمعسكر وطرق التي توصل له لمدة نصف شهر رصداً دقيقاً وكان لنا محاولات المرور أمام المعسكر ليلاً ونهاراً حتى استقر بِنَا القرار أن وقت الظهيرة هو الأفضل وتم الاتفاق على يوم التنفيذ والزمان والمكان.

اليوم ٥ اب اغسطس عام ١٩٩٣، الزمان:- بعد الساعة الواحدة ظهراً وقبل الساعة الخامسة مساءً، عندما تكون درجة الحرارة أعلى ما يمكن يكون أقل حركة للناس والمواصلات.

المستهدف - اكبر معسكر للإحتلال شمال القدس، المنفذ : الوحدة الخاصة بكتائب عز الدين القسام في مدينة القدس:- مروان ابورميلة،فهد الشلودي، وأنا تيسير سليمان.

ما قبل التنفيذ: ما قبل التنفيذ بساعات كان قد تم الاستيلاء على سيارة كبيرة الحجم وتغيير لونها ولوحات النمرة الخاصة بهت واحداث تغير بالوضع الداخلي لها لما يخدم تنفيذ عملية الأسر وقررنا بهذه العملية أن لا نطلق أي رصاصة لأننا سوف نكون بين معسكر الاحتلال والمطار.

ساعات التنفيذ: كانت معنويات الوحدة الخاصة بكتائب القسام أعلى من درجة الحرارة في ذالك الصيف الملتهب ونقف أمام بوابة معسكر الرام العسكري.

للنقل الهدف: خرج الجندي، تقدمت السيارة بعد ساعات من التخفي والتنكر والانتظار والحر الشديد تسير السيارة أمام الجندي يطاردها الجندي طالباً النقل (كنّا خلال ايام الرصد قد تتدربنا على ذلك)

يسأل أين طريقكم نقول له القدس، يقول صديقي يذهب معكم انتظروه انتظروه فالحر شديد و واكمل يقول : "انا أذهب إلى مكان آخر هو يتكلم والكل يستمع إلى أغنية يهودية بصوت مرتفع، ها قد جاء (يارون حين) قال وهو يقطع علينا خيالنا الواسع، هو جندي برتبة عريف في سلاح الهندسة مسلح بسلاحه (الجليلي)، وهو سلاح كان يصنعه الاحتلال قوي وآلي وسريع وقصير الحجم.

وهو من أفضل ما تحتاجه المقاومة بذلك الوقت من سلاح قلنا له أهلا بك تفضل لم نذهب قبل شكر الجندي الآخر شكراً لك على هذه الخدمة، شلوم شلوم (سلام وداعاً).

تحركت السيارة وكان أمامنا فقط ٣٠٠ متر للوصول إلى الخط الرئيس للشارع الذي يربط مدينة القدس بمدينة رام الله مرورا بحي المطار والمطار كان علينا السيطرة على الجندي وأخذ سلاحه  كانت البداية الاصعب و سحب السلاح  لأنه أهم ما لدى الجندي ولقد تمت بأسرع ما يمكن.

وبدأت عملية السيطرة وخلال هذه العملية ارتفعت الأصوات و صراخ  الجندي كان الجندي مرعوباً كل همه الهروب وعدم الموت حاول كسر زجاج السيارة برأسه وبهذا الوقت كان الجندي الذي سهل لنا إصعاده للسيارة قد ركب مع إسرائيلية بسيارتها الصغيرة، وأصبح خلفنا واستمرت العملية وتم الأسر وبدأت الرحلة.

وخلال عملية الاسر شك الجندي في السيارة الصغيرة بعد سماعه صراخ الجندي الأسير أن هناك شيء بسيارتنا  بسبب السيطرة على الجندي والصراخ، صرخ ويحاول الوصول لسيارتنا، ليفهم ماذا يحدث، عندها بدأت المواجهة الحقيقية، وكان القرار، لم نتوقف أطلق الرصاصة و رصاصاته تمر علينا واحدة تمر من فوق الرأس الآخرة تضرب السيارة والثالثة والرابعة و قررنا المواجهة.

لم نترك الجندي ولن نسلم.. أخذنا العزم والاصرار أن لا نتوقف ولا نسلم ولا نطلق سراح الجندي الذي أسرناه نمر إما سياج المعسكر ونقرر الاتجاه إلى قلب المدن شمالاً إلى مدينتي البيرة ورام الله مرورا بمخيمي قلنديا و الأمعري مررنا بشارع ركب الشهير ثم المنارة قبل مدينتي رام الله والبيره ثم قرية -بلدة -بيتونيا.

عندها تمت عملية أسر الجندي وأخذ سلاحه ولكن عندنا إصابة وإصابة حرجة بهذة اللحظة كان سلاح الطيران منتشر في سماء رام الله والبيره وبيتونيا والقرى المجاورة لهما والإعلان عن حصار وإغلاق مدينتي

وخلاصة العملية أسر الجندي ومقتله أثناء المطاردة وأخذ سلاحه الأتوماتيكي انسحاب المجموعة الخاصة للكتائب القسام واستخدام السلاح المغتنم في عمليات ضد الاحتلال خلال أيام قتل بها بعض جنود الاحتلال.

وأكيد عملية جراحية، قال الطبيب الغير جراح بعدها لنا (أهلا بك مرة أخرى للحياة )...