شبكة قدس الإخبارية

من يحاول إفساد شهد الخليل؟

ساري جرادات

الخليل-خاص قُدس الإخبارية: يبدو واضحًا لمن يعرفون "شهد الخليل"، أن تراجعًا كبيرًا بدأ يُصيب جودته الشهيرة، وهو ما يلاحظه بالذات مزارعون ومختصون في القطاع الزراعي، نظرًا لعامليْ التغول الاستيطاني وجرائمه بحق الأرض الفلسطينية، والظروف الجوية التي عصفت بالمنطقة مؤخرًا.

العنب الخليلي، يساهم سنويًا بحوالي 12% من مجمل الإنتاج الزراعي المحلي، ويحتل المرتبة الثانية من حيث كميات الإنتاج بعد قطاع الزيتون، فيما تقدر مساحة الأراضي المزروعة بكروم العنب بأكثر من 80 ألف دونم، منها 60 ألف دونم في الخليل، و20 ألف دونم في بيت لحم، وفق معطيات مديرية زراعة مدينة الخليل.

وخلال العام الجاري، أقدمت عصابات المستوطنين التي تُطلق على نفسها اسم "تدفيع الثمن" على تقطيع حوالي (13دونمًا) مزروعة بالعنب، تعود ملكيتها لمزارعين من مدينتي الخليل وبيت لحم، تركوا وراءهم شعارات مفادها أن الزراعة الفلسطينية تعتبر "إرهابًا بيئيًا"، بحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وبيّن الناشط محمد عياد من بيت امر شمال الخليل، أن مستوطني مجمع مستوطنات "غوش عتصيون"، فتحوا صهاريج المياه العادمة تجاه حوالي 10 دونمات من أراضي المزارعين في منطقة واد شخيت قبل شهور، وهي أراضي يملكها مزارعون من بيت امر، ما يعني تضرر التربة والتسبب بإصابة محصول العنب بأمراض عديدة.

وتعتمد العديد من الأسر في قرى وأرياف الجنوب الفلسطيني على موسم العنب بصورة كبيرة في تدبير شؤونها، وتنتظر موسم العنب لتعويض المبالغ المدفوعة خلال العمل في الأرض؛ من حراثة ومبيدات وأسمدة، بينما تتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي التضييق على المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم القريبة من المستوطنات.

وقال المزارع محمد بحر (27 عامًا) من بيت امر، إن والده أعاد استصلاح وزراعة 4 دونمات بأشجار العنب، لكن لم يرق ذلك لمستوطني مستوطنة "كرمي تسور"، مبينًا أن هذه المستوطنة وهي مقامة على أراضي بيت امر، تعيق وصولهم إليها، ما يؤدي إلى تراجع كميات الإنتاج، خاصة أن الأرض تحتاج لعملٍ دائم.

العوائق التي تضعها سلطات الاحتلال أمام تصدير العنب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وعدم سماحها بتصديره إلى الأردن إلا بعد تاريخ 25 تشرين أول من كل عام، وعمليات الفحص التي تصل مدتها إلى 3 أيام على معبر الكرامة بين الضفة والأردن، تؤثر بصورة سلبية على قطاع العنب.

وأشارت أروى العطاونة، مديرة إحدى شركات إنتاج العنب، إلى تضرر النساء اللواتي يعتمدن على منتجات العنب في تدبير شؤونهن، بسبب تدني جودة ورق العنب ومذاقه، مما يؤثر سلبًا على إنتاج أطعمة وأغذية مصدرها العنب، مثل "الزبيب والدبس والعنطبيخ والشدة والملبن" وغيرها من الأصناف الغذائية.

وأضافت الناشطة العطاونة لـ"قُدس الإخبارية"، أنها كانت مضطرة لشراء طن من العنب غير الناضج (الحصرم)، للتخفيف من خسائر المزارعين، وبهدف تحويله إلى سماق يستخدم كنوع من البهار ؛ ويضاف إلى الطعام لإكسابه مذاقًا شهيًا، وذلك نتيجة تراجع شهد الخليل نوعًا وكمًا هذا العام.

وينتج الدونم الواحد المزروع بأشجار الدوالي، حوالي طن من العنب، فيما يقدّر العائد المادي الناتج عن زراعة هذه الكمية بحوالي 20 ألف دولار، يجنيها المزارعون من بيع الورق والعنب، وفق ما أفاد به مدير مديرية زراعة الخليل أسامة جرار لـ"قدس الإخبارية".

ولا تخفي مديرة مديرية الزراعة في شمال الخليل سحر الشعراوي أن إصابة العنب الخليلي بأمراض العفن الرمادي والبياض الدقيقي جراء تساقط الأمطار في شهر أيار المنصرم تُنذر بتراجع كميات الإنتاج في هذا العام، وهذا يؤثر بصورة سلبية على نحو 4 آلاف مزارع يعملون في قطاع العنب.

وقالت الشعراوي لـ "قدس الإخبارية"، إن إرهاب المستوطنين بحق الأرض الفلسطينية يحتاج إلى إعداد الخطط والبرامج القادرة على تعزيز صمود المزارعين في أراضيهم، عبر تضافر جهود كافة المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان في كشف وتعرية إرهاب المستوطنين بحق الزراعة الفلسطينية، ووقف التغول الاستيطاني على حساب الحق الفلسطيني.

من ناحيته، نوّه مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في مدينتي بيت لحم والخليل يونس عرار، في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، إلى قيام هيئته بالتعاون مع وزارة الزراعة والجهات المختصة بتعويض المزارعين الذين تعرضت محاصيلهم لاعتداءات من قبل قطعان المستوطنين، والعمل على تعزيز صمودهم من خلال توفير آبار للمياه أو تسييج أراضيهم وبناء أسوار حولها.

يشار إلى أن إرهاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال شق الطرق الالتفافية دمرت آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، هذا إضافة لاعتداءات المستوطنين المتكررة على أشجار العنب والمزارعين ومنعهم من الوصول لأراضيهم، وكذلك إغلاق الطرق الترابية المؤدية إلى كرومهم، وذلك يؤدي إلى تراجع قطاع العنب.