شبكة قدس الإخبارية

أمان: تحليل الموازنة العامة يكشف خفايا مجحفة بحق الفلسطينيين

هيئة التحرير

رام الله - قدس الإخبارية: كشف تحليل الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة لآداء الموازنة في الثلث الأول من العام 2018، أن جماليات البيانات ودقتها المُعلن عنها وقدرتها على عكس الآداء الجيد للحكومة، يخفي تحت ظلاله خفايا قد تكون مجحفة في حق الفلسطينيين، وغير مطبقة فعليا لمطالبات المجتمع المدني وتطلعاته.

جاء ذلك بعد أن استعرض مجلس الوزراء بتاريخ 22/5/2018 التطورات المالية وأداء الموازنة العامة في الثلث الأول من العام الجاري، مظهرا التحسن الجدي في أداء الموازنة وفي زيادة الإيرادات وتخفيض النفقات، ذلك بالرغم من تضاؤل الدعم الخارجي.

كما أظهرت التطورات المالية الإيجابية الذي أدته الحكومة في زيادة الإنفاق التطويري، وبالرغم من انخفاض الدعم الخارجي المخصص له، وبالشكل الذي يعكس توجه الحكومة نحو الإنفاق على المشاريع التطويرية، وتخفيض النفقات الجارية، المطلب الأساسي الذي لطالما دعت إليه مؤسسات المجتمع المدني.

 الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة تحفظ على عدم شمولية المعلومات المقدمة، وعدم وضوح ماهية المشاريع التطويرية التي تم الإنفاق عليها، واستنكر استمرار النهج المركزي وعدم التشاركية في تحديد أولويات الإنفاق، "سيما وأننا مازلنا نعاني من العجز المستمر ومن محدودية الموارد، والتي يجب أن تدار بالشكل الذي يحاكي طموحات وتطلعات المجتمع الفلسطيني. وبالشكل الذي لا يمس في حقوق المواطنين وتحديدا الفقراء والمهمشين".

4.3 مليار شيقل إيرادات الثلث الأول من العام 2018

أظهر الفريق الأهلي أن ما تحقق للثلث الأول من العام كان (4.3) مليار شيقل، أي ما نسبته 32% من المخطط والذي قدر ب (13.6) مليار شيقل، والتي تشكلت من الإيرادات المحلية والبالغة (1,7) مليار شيقل وإيرادات المقاصة (2.6) مليار شيقل، والذي يعبر عن أداء جيد للحكومة في زيادة الإيرادات المحلية، مع الإشارة إلى أن عادة ما يتم دفع المواطنين والتجار للضرائب المختلفة في بداية العام للاستفادة من الخصومات والعروض، وبالتالي فان الإيرادات من الضرائب تكون بمستوى أعلى في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.

انخفضت النفقات ولكن!

عكس تقرير الفريق الأهلي لآداء الموازنة في الثلث الأول من العام إلى أنه تم تقدير إجمالي النفقات العامة وصافي الإقراض لعام 2018 بقيمة (16,1) مليار شيقل، وبالتالي تم تقدير النفقات للثلث الأول من العام بقيمة (5,3) مليار شيقل، في حين بلغت قيمة إجمالي النفقات العامة وصافي الإقراض المتحققة للثلث الأول من العام (4,8) مليار شيقل أي أقل من المقدر للثلث الأول من العام بنسبة 11%، ما يعكس تحسن في أداء الحكومة وضبط النفقات.

كما أظهر التحليل للأرقام المعلنة، أن الصورة غير ظاهرة بكافة أوجهها، حيث أن تحليل مبنى النفقات يشير إلى أن انخفاض إجمالي النفقات يرجع إلى خفض فاتورة الرواتب، والتي يعود أحد اهم أسبابها إلى تقليص أعداد الموظفين بإحالة حوالي 24 ألف موظف إلى التقاعد.

ويظهر تقليص فاتورة الرواتب من خلال النظر إلى الرواتب والأجور المقدرة لعام 2018 والمنخفضة بحوالي 200 مليون شيقل عما كان مقدر لعام 2017، وإلى الرواتب والأجور المتحققة في الثلث الأول والمنخفضة بقيمة 424 مليون شيقل عن المقدر للثلث الأول من العام. وبالرغم من أن إحالة الموظفين للتقاعد كان خلال العام 2017، إلا أن تقدير فاتورة الرواتب والأجور لعام 2018 أعلى من الفاتورة الفعلية، نظرا لأن أحد أهم أولويات وزارة المالية توفير الرواتب، وبالتالي يتم تقديره بشكل أعلى لضمان تسديدها. وهذا ما يفسر انخفاض قيمة فاتورة الرواتب للثلث الأول من العام.

كما أن تحليل النفقات التشغيلية المتحققة للثلث الأول من العام تقارب مع النفقات المقدرة لذات الفترة، علما بأن إن كان هناك توجه نحو ترشيد النفقات فلا بد من أن ينعكس على النفقات التشغيلية، والتي قدرت للعام 2018 بقيمة (2,086) مليون شيقل أي بارتفاع طفيف عما تم تقديره في العام 2017 والبالغ (2,035) مع العلم بأن النفقات التشغيلية على مدار الأربعة أعوام الماضية كانت أعلى من المقدر، بالرغم من إعلان الحكومة توجهها نحو ترشيد النفقات، الأمر الذي يشير إلى النفقات التشغيلية المتحققة حتى نهاية العام قد تتجاوز المبلغ المقدر.

وبينت الورقة التي أعدها الفريق أن ترشيد النفقات لم يكن ترشيد حقيقي وترشيد النفقات الاستهلاكية والتي بالإمكان الاستغناء عنها، مثل شراء السيارات، وتكاليف السفر الباهظة، وإنما كان على حساب الموظفين والذين تم إحالتهم إلى التقاعد المبكر وحرمانهم من قيمة عملهم.

تخفيض العجز.. نتيجة متوقعة

أظهر تقرير الفريق الأهلي أن من الطبيعي انخفاض العجز خلال الثلث الأول، نتيجة لتخفيض النفقات وتحقيق الإيرادات المتوقعة، حيث قدر العجز الإجمالي لعام 2018 قبل التمويل بقيمة (4,584) مليون شيقل، على أن يتم سداد جزء من هذا العجز من خلال المنح والمساعدات المالية والمقدرة بقيمة (2,790) مليون شيقل. في حين بلغ العجز الإجمالي خلال الثلث الأول من العام قرابة (362) مليون شيقل أي أقل من المقدر للثلث الأول من العام، بالرغم من انخفاض التمويل الخارجي المتوقع. حيث لم يتجاوز التمويل المتحقق 16% من التمويل المقدر لكافة العام.

حقوق الفقراء والمهمشين أولا

شدد الفريق الأهلي على ضرورة حماية حقوق الفقراء، وضرورة زيادة مخصصات وزارة التنمية، إذ تشير البيانات الخاصة في وزارة التنمية أن تراجعا ملحوظا طرأ على الموازنة الخاصة ببرنامج المساعدات النقدية والتي بلغت لعام 2017 (520) مليون شيكل، في حين كانت الموازنة المخصصة في الأعوام السابقة (560) مليون شيكل.

وعليه تم تخفيض عدد الأسر من 120 ألف أسرة إلى 112 ألف أسرةـ مع العلم أن قيمة المساعدات النقدية تتراوح ما بين (750-1800) شيكل كل 3 أشهر، أي بسقف أعلى قدره (600) شيكل للأسرة شهريا، وهو مبلغ ضئيل ولا يفي باحتياجات الأسر الفقيرة.

ويؤكد الفريق الأهلي على أهمية تطوير خدمات وزارة الصحة لتخفيض فاتورة العلاج بالخارج، والمضي قدما نحو إقرار نظام التأمين الصحي الشامل والإلزامي، الأمر الذي يساهم في تطوير الخدمات الصحية الحكومية، ويساهم في توطين الخدمة.

ويطالب الفريق الأهلي بضرورة مراجعة وفلترة وتنقية فاتورة الرواتب وتحديدا للوظائف العليا وبالشكل النزيه والشفاف دون وجود أي احتمال لوجود تحيزات مبنية على فساد سياسي، أو المناكفات السياسيّة، أو استغلال الطبقة السياسية للصلاحيات والسلطات التي يمنحها لها القانون لأغراض حزبية أو تصفية حسابات سياسية بسبب الصراع على السلطة، بعيدا عن المصلحة العامة، وبإيجاد الحلول العملية لتدوير الموظفين وزيادة فعاليتهم وإنتاجيتهم، مع إعادة النظر في العلاوات والامتيازات.

ويشدد الفريق الأهلي على ضرورة مراجعة النفقات على قطاع الأمن والسيطرة عليها وتخفيض نفقات المؤسسات الأمنية، حيث مازال قطاع الأمن يستنزف النصيب الكبر من الموازنة 27%، في الوقت الذي تزداد فيه أعداد الفقراء حيث أظهر بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني "أن نسب الفقر ارتفعت في العام 2017 مقارنة مع العام 2011، فقد كانت نسبة الفقراء في العام 2011 حوالي 25.8% بينما ارتفعت لتصل إلى 29.2% في عام 2017، أي بارتفاع نسبته 13.2%.  كما ارتفع نسب الفقر المدقع من 12.9% عام 2011 إلى 16.8% عام 2017 أي بارتفاع نسبته 30.2%" في الوقت الذي تتضاءل مخصصات وزارة التنمية وتتضاءل أعداد الأسر المستفيدة