شبكة قدس الإخبارية

مخيم الفوار يحمل المسؤولين كارثة فقدانه الطفلين سراحنة

شذى حمّاد

الخليل - خاص قدس الإخبارية: لم يعد الطفلان يزن وأحمد من اللعب مساء الخميس، تأخرا، غلت قلوب أمهاتهم عليهما، فخرج أهالي مخيم الفور جنوب الخليل يبحثون عنهما، وبينما يتبادل الأهالي التوقعات الأصعب ويواصلون البحث في الأحراش بعيداً عن المخيم، يطفو يزن جثة في بركة ماء قريبة، فيما تبلع البركة أحمد وتخنقه حتى الموت.

حول بركة ماء زراعية قرب مخيم الفوار، جلس يزن حنا السراحنة (11 عاما) وأحمد سميح السراحنة (14 عاما) يلعبان ويحاولان اصطياد "أبو ذنيبة"، وهي اللعبة التي يتسابق فيها أطفال المخيم الذين يفتقرون للمرافق العامة ومتنزهات اللعب، ليتوجهوا إلى البرك الزراعية الستة القريبة من المخيم، برك يحيطها بعضها سياج منخفض، وأخرى مكشوفة تماما، يعلوها الطحالب، وفي أسفلها تراب يبلع كل من ينزل إليه، برك لطالما حذر منها أهالي المخيم، ولكن لم تُسمع أصواتهم.

آخر مرة شوهدا فيها يزن وأحمد وهما يتوجهان إلى حرش قريب من مخيم الفوار، إلا أن الطفلان وخلال طريقة عودتهما توقفا عند بركة الماء، وتشير إحدى السيناريوهات التي يتبادلها أهالي المخيم أن أحدهما سقط في البركة أثناء لعبه فيها ومحاولة اصطياد "أبو ذنبية"، وعندما حاول الآخر إنقاذه، سقط وغرق الطفلان في البركة.

المتحدث باسم عائلة الطفلين جمال السراحنة يروي لـ قدس الإخبارية، إن شبان المخيم وخلال البحث عن الطفلين توجهوا في البداية إلى بركة المياه وسلطوا الضوء عليها إلا أنهم لم يروا شيء، فبدؤوا بالابتعاد عن المخيم بحثاً عن الطفلين، مشيراً إلى أن الشبان وخلال عودتهم وجدوا جثة أحد الطفلين تطفو على سطح البركة.

يضيف سراحنة، "نزل الشبان ليحضروا جثة الطفل التي تطفو على سطح البركة، فتعرقلوا بجثة الطفل الثاني التي كانت عالقة داخل البركة.. وبعد محاولات عديدة ومغامرة خطيرة، تمكن الشبان من إخراج الجثتين من بركة المياه".

"فاجعة عظيمة" يصف سراحنة ما حل بالعائلة بعد فقدانها الطفلين يزن وأحمد، وخاصة أن الطفل يزن رزق به والديه بعد سبع سنوات وهو طفلهما الوحيد، "أسرتا الطفلين في حالة صدمة وحزن شديدين، غير قادرين على استيعاب وتقبل ما حل بهما.. الطفلان ذهبا بلمح البصر".

وبين سراحنة أن نتائج تشريح الجثمانين أكدت على أن الطفلين غرقا في البركة لوحدهما، ولم يتعرضا لأي اعتداء أو دفع متعمد، وهو ما نفى كل الشكوك التي دارت حول ظروف غرق الطفلين في البركة، "نوجه رسالة للمزارعين الذين يعملون في محيط مخيم الفوار، أن يقوموا بتغطية هذه البرك ويراقبوها... يوجد إهمال واضح وغير مبرر، عليكم أن يكونوا أكثر حرصاً وتحملاً للمسؤولية".

من جانبه، قال نعمان أبو ربيع من اللجنة الشعبية في مخيم الفوار لـ قدس الإخبارية، إن أهالي المخيم حاولوا إغلاق إحدى البرك التي كانت تشكل خطورة كبيرة وخاصة لوقوعها في منطقة تشهد مواجهات مستمرة مع جيش الاحتلال، وتحدث فيها عمليات ملاحقة الشبان، "كنا نخاف أن يقع الشبان فيها خلال المواجهات، فتوجهنا لصاحب البركة لم يستجب لمطلبنا، فتوجهنا إلى محافظ الخليل إلا أنه وحتى اليوم لم يتم إغلاق هذه البركة".

وأضاف، أنه في محيط مخيم الفوار عدة برك ماء تشكل خطورة على أطفال وأهالي المخيم، "نوجه رسالتنا مرة أخرى بعد أن دفعنا ثمناً باهظاً جداًِ وبعد فوات الآون إثر فقدان زهرتين من زهور مخيم الفوار اللذين ذهبا ضحية هذه البرك"، مشيراً إلى أن البركة التي غرق فيها الطفلان محاطة بسياج إلا أن بابها سهل الفتح وغير آمن.

وتابع، أن أهالي المخيم لا يعانون فقط من البرك الخطيرة التي تحيط المخيم بل أيضا من الشارع الذي يمر بجانب المخيم، "وضعنا رسائلنا على مكاتب كل المسؤولين ولكن لا يوجد استجابة لأي منها حتى الآن على الرغم أن كل مشكلة نواجهها يوجد حل لها.. إلا أن المسؤولين لا يتعاملون بجدية مع هذه الإشكاليات". بعد حادثة غرق الطفلين أحمد ويزن، أخذ محمد أحمد النجار طفله نور الدين إلى إحدى البرك ووقف ليوجه رسالة إلى المسؤولين للتعامل العاجل والسريع مع هذه البرك، قبل أن يصبح طفله ضحية أخرى لهذه البرك، محمد أحد النشطاء في المخيم قال لـ قدس الإخبارية، إنه فور انتشار خبر فقدان الطفلين بدأ وشبان المخيم بعمليات البحث بدءاً بنشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم ذلك إلا أن الدفاع المدني الفلسطيني لم يحضر إلى المكان. وتابع، "الشرطة الفلسطينية كانت في المكان خلال عملية بحث أهالي المخيم، فيما معظم الإعلام المحلي الفلسطيني تداول خبر فقدان الطفلين، كما انتشر الخبر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.. إلا أن الدفاع المدني يقول أنه لم يتم تبليغه، وهو أمر مستغرب جداً".

وبين أن الشبان الذين كانوا يبحثون في البرك، والذين نزلوا إلى البركة التي وجد فيها جثتي الطفلين، أخدوا على عاتقهم الشخصي مسؤوليتهم الخاصة المغامرة والسباحة داخل هذه البرك وفي الليل، رغم خطورتها، "أهالي مخيم الفوار تلقوا وعودات عدة للتعامل مع هذه البرك التي أقيمت بإشراف ورقابة وزارة الزراعة.. إلا أنه لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وبقيت مكشوفة".

[gallery ids="147016,147017,147018,147019,147020,147021"]