شبكة قدس الإخبارية

لماذا تجاهلت "إسرائيل" روسيا وضربت قاعدة جوية للأسد؟

هيئة التحرير

دولي - قدس الإخبارية: لم تتوقف الغارات الإسرائيلية على الأهداف السورية في السنوات الأخيرة، لكن غارتها الأخيرة على القاعدة الجوية السورية شرقي حمص، فجر الاثنين، اختلفت عما سبق في طبيعة رد الفعل الروسي عليها.

شنَّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي الكثيرَ من الضربات داخل سوريا سابقاً، تحت ذريعة حماية حدودها من تواجد قوات حزب الله، المدعوم إيرانياً، والسلاح في مرتفعات الجولان بالأساس. لكن الاحتلال الإسرائيلي، حسبما تقول the guardian البريطانية، لم يهاجم تنظيم القاعدة أو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا. لكن جاء اتهام روسيا، للاحتلال الإسرائيلي باعتباره المسؤول عن الهجوم الأخير ليمثل تحولاً كبيراً في العلاقات بين روسيا و"إسرائيل"، التي كانت ودية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وكشف نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، عن استدعاء سفير كيان الاحتلال لدى موسكو إلى مقر الخارجية اليوم الثلاثاء 10 أبريل/ نيسان 2018 لمناقشة الأوضاع الأخيرة في كل من سوريا وغزة. وأعلن بوغدانوف، بحسب وكالة الأناضول الذي يشغل أيضاً منصب المبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنه "سيجري محادثات اليوم مع السفير الإسرائيلي غاري كورين، الذي تم استدعاؤه إلى مقر وزارة الخارجية"، بحسب موقع قناة "روسيا اليوم" المحلية. وأضاف بوغدانوف، في مؤتمر صحفي، "نحن دعوناه فقط للحديث عن سوريا (الهجوم على قاعدة التيفور التابعة للنظام السوري مساء الأحد)، الوضع هناك متحرك ويتطور بسرعة".

ورداً على سؤال حول ما إذا كان هجوم الطيران الإسرائيلي على قاعدة التيفور العسكرية في سوريا سيتم بحثه، قال الدبلوماسي الروسي: "سنناقش كل شيء"، وأضاف "سنناقش الأوضاع، وتطوراتها في كل من سوريا وغزة". وأشار إلى أن "ديناميكيات الأحداث عالية جداً في الشرق الأوسط، وتتطلب تقييمات وتوقعات مشتركة مستمرة لمنع المزيد من التصعيد"، وتابع "يجب أن نبحث عن طرق لإزالة التصعيد وتطبيع الوضع".

التفاهم القديم: روسيا تحافظ على مصالح إسرائيل هنا

روسيا -التي تسيطر على المجال الجوي السوري منذ أرسلت قواتها دفاعاً عن نظام بشار الأسد في 2015، كانت تغضُّ الطَرْف عادةً عمَّا تفعله "إسرائيل"، حيث التزمت الصمت مثلاً على غارة إسرائيلية ضد قاعدة مصياف السورية، في أبريل/نيسان من العام الماضي، بحجة وجود أسلحة كيماوية بها. وطبقا لتقرير the guardian، كان هناك تفاهمٌ بين الطرفين، يفيد بأنَّ روسيا ستحافظ على مصالح الاحتلال الإسرائيلي في سوريا، عن طريق الحد من وجود القوات المدعومة إيرانياً جنوب غربي سوريا، لأن ما تخشاه "إسرائيل" هو أنَّ يقترب حزب الله من مرتفعات الجولان إلى درجة تسمح بشنِّ هجماتٍ على الداخل الإسرائيلي. في نهاية عام 2015، قال السفير الإسرائيلي في موسكو تسفي خيفيتس إن هناك "تفاهماً تاماً بين إسرائيل وروسيا، التي تفهم بشكل ممتاز مصالحنا. ويوجد هناك تنسيق وثيق بين قيادتينا وجيشينا لعدم حصول أي حوادث".

إيرانية أم سورية، الخلاف العلني بين روسيا وإسرائيل

فور وقوع الهجوم الإسرائيلي على القاعدة السورية، أكد الكرملين أن هذه الغارة مقلقة، وأن روسيا على اتصال بإسرائيل عبر القنوات الرسمية لمعرفة أسباب الغارة، التي تقول مصادر إنها محاولة لوقف التوسع الإيراني العسكري في سوريا. وقبل الغارة بأيام، أكد نائب مدير الخارجية الإسرائيلية أن إسرائيل لديها معلومات مؤكدة عن قاعدة إيرانية في سوريا. لكن التلفزيون الروسي أعلن على لسان مسؤولين في وزارة الدفاع، أن الغارة الإسرائيلية استهدفت القاعدة العسكرية السورية في تيفور.

أسباب الخلاف: روسيا لا تقوم بدورها ضد الوجود الإيراني

لم يكن واضحاً إلى أي مدى كان الاحتلال الإسرائيلي يمنح موسكو إخطاراتٍ مسبقة بالغارات، أو إلى أي مدى يوجد تفاهم بأنَّ روسيا لن تمرر هذه المعلومات السرية إلى نظام الأسد، لكن في معظم الحالات، تحصل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على إخطارٍ مسبق، وتلتزم "إسرائيل" بعدم تأكيد أو نفي الهجمات. وربما تكون غارة فجر الاثنين مختلفة في أنَّها تعرَّضت للإدانة الفورية من جانب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، باعتبارها "تطوراً خطيراً للغاية". ويبين هذا التطور أن "إسرائيل" -حسبما يؤكد تقرير the guardian– أصبحت قلقة من أنَّ روسيا لا تفي بتعهداتها في الصفقة المتعلقة بالسيطرة على إيران ووكلائها العسكريين.

إنذار إسرائيلي قبل الغارة: 3 إشارات تكفي

وفي الأسابيع الأخيرة، أرسلت "إسرائيل" ثلاث إشارات تحذيرية: أجرت مناورات عسكرية تشن فيها روسيا حرباً متعددة الجبهات لمنع هجومٍ إسرائيلي على سوريا. أكَّدت علناً أنَّها شنَّت الضربات الجوية في العام 2007 ضد مفاعل نووي محتمل في سوريا. ثم ثالثا شنَّت غارات جوية متعددة الجبهات، في فبراير/شباط الماضي، داخل سوريا، رداً على تحليق طائرة بدون طيار داخل "إسرائيل". ووُصِفَت هذه الحادثة الأخيرة بأنَّها أكبر هجوم يقوم به سلاح الجو الإسرائيلي داخل سوريا، منذ حرب لبنان 1982.

كانت الغارة رسالة إلى إيران: نحذركم

ويعتقد الاحتلال الإسرائيلي أنَّ التحالف السياسي بين روسيا وإيران حول مستقبل سوريا يتعزَّز. ويبدو أنَّه يفقد بالتدريج أمله بأن تختفي القوات الإيرانية -التي يتراوح عدد أفرادها وفق بعض الروايات بين 60 و80 ألفاً لهم تواجد دائم في سوريا، خصوصاً في جنوب غربي البلاد. وبالتالي يمكن قراءة الهجوم الإسرائيلي، الذي وقع مساء الأحد، باعتباره ضربة انتهازية تستغل حالة الغضب وخاصة في الولايات المتحدة بشأن الهجوم الكيميائي المزعوم للنظام السوري في مدينة دوما، من أجل مواصلة معارك موجودة سلفاً بدلاً من معاقبة النظام السوري.

ورسالة إلى ترمب: لا تترك سوريا في أيدي إيران

لكنَّ "إسرائيل" ترسل أيضاً رسالةً إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من خلال إشارتها إلى العواقب التي ستلقاها سياسته المناهضة لإيران، إذا ما مضى قدماً بخطته لسحب القوات الأميركية المتبقية، البالغ عددها ألفي جندي من سوريا. وتخبر "إسرائيل" أميركا أنَّها لا يمكنها النظر إلى الحرب السورية فقط باعتبارها معركة لهزيمة داعش؛ بل لا بد من النظر إليها أيضاً باعتبارها ميدان معركة حول التوسُّعية الإيرانية. قد يجادل البعض بأنَّ أفضل آمال السلام تكمن في ترك مسألة الحل لطهران وموسكو. فمستقبل سوريا لن يتحدد بعد الآن في جنيف ضمن إطار عملية سلام أممية يقودها المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا، بل سيتحدد من جانب روسيا وإيران وتركيا عبر ما تُسمَّى بعملية أستانا. كانت تلك هي وجهة نظرة إيران، حين اجتمعت روسيا وإيران وتركيا، يوم 4 أبريل/نيسان، للاتفاق على خطة بشأن سوريا. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني صريحاً، وقال: "حاول الأميركيون والإسرائيليون دون جدوى الوقوف في طريقنا… أرادوا فعل ذلك كي يحكموا المنطقة. أرادوا فعل ذلك حتى يستمر التهديد إلى وقتنا الحاضر، لأنَّ ذلك سيكون في مصلحتهم. افتعلوا الكثير من المشكلات لنا… وخطَّط أعداء منطقتنا لتدمير سوريا، لكنَّهم يخفقون".