شبكة قدس الإخبارية

تجوال سفر.. تجول في الأرض تمتلكها

لارا يحيى

"مرحبا؛ أنا سامر الشريف، أحد منظمي تجوال سفر، ورغم أن هذا المسمى لا يرافقني عادة فالأفضل أن نوضح بأن تجوال سفر ليس فيه منظمون ومشاركون، فالجميع يهدف للتعلم من التجربة "تجربة السفر"". بهذه الكلمات بدأ الحوار مع سامر أحد مؤسسي الملتقى التربوي العربي في فلسطين، وهو جزء من عدة "ملتقيات عربية" أخرى موجودة في مصر والاردن وغيرها.

يُعرّف أفراد الملتقى أنفسهم بأنهم "مجموعة شباب فلسطينيين يخلقون نموذجاً بديلاً للمؤسسات الفلسطينية الشبابية بتمويل محلي فلسطيني، وينشطون عبر تشكيل مجموعات شبابية، بحيث تقوم كل مجموعة بعمل ثقافي مجتمعي، منها: تجوال سفر - تجوال مخيمات - بيت الحكمة - حكايا - مش سينما - من زمان".

سامر الشاب الظريف الذي يعمل في جامعة بيرزيت ساهم مع أصدقائه في تأسيس الملتقى، للتجوال آفاق وأحلام يسعى لتحقيقها، وأهداف يخلقها يمارسها يهدمها ويعيد بناءها.. حتى يعيش تجربة التعلم، سامر قال لنا ان الهدف من التجوال هو التعرف على الارض عن طريق السكان هم يرون القصة، حكاياتهم اليومية يسمعها الشبان منهم مباشرة عوضاً عن وجود "دليل سياحي"، وهو ما يميز تجوال سفر عن الرحلات العادية، عبر الاختلاط مع الاهالي قدر الامكان، عبر التجول في المناطق المُزارة رافعين شعار "تجول في الارض تمتلكها" تثبيتاً" لمعادلة الصراع على الارض مع الاسرائيليين، فمن وجهة نظر الملتقى اثبات الوجود الفلسطيني على الارض كفيل بحماية ما بقي منها.

[caption id="attachment_13802" align="aligncenter" width="461"]سامر شريف أحد المنظمين لتجوال سفر سامر شريف أحد المنظمين لتجوال سفر[/caption]

"تجول في الارض تمتلكها"

يعرّف سامر "تجوال سفر المحلي" بأنه مبادرة بدأ فيها شباب صندوق سفر فلسطين المحلي وهو جزء من "صندوق سفر على مستوى الوطن العربي" الذي يهدف كسابقة إلى التعلم عبر التجربة أي تجربة السفر تحديداً وتوفير منح للشباب العربي لتحقيق هذه التجربة. خلق سامر واصدقاؤه صندوق سفر فلسطين بعد مشاركتهم في ذلك المشروع.

وفي بداية العام 2012 بدأت أولى التجوالات بقرية صفا غربي رام الله المحتلة، واستمرت حتى اليوم لتصل إلى عشرين تجوالاً ويزيد، الصندوق وجد على ارض الواقع وحمل بجعبته ايماناً منسامر واصدقائه بأن في فلسطين أشخاص ملهمين وأماكن ملهمة ستساعدهم على اكتساب أصدقاء جدد ومهارات جديدة ومعارف جديدة هي حصيلة مشاركتهم بتجربة السفر، الا ان اصطدامهم بواقع الاحتلال واجههم عدة مرات في كفر الديك وغيرها، حتى انه قال لنا بأن جميع عيون الماء التي زاروها او غالبيتها إما مهددة بالمصادرة او مصادرة فعلياً، وهو ما جعلهم يطلقون شعار "تجول في الارض تمتلكها" على حد تعبيره، وهو ما جعلهم يضمون التجوال غالباً بأعمال "العونة" ومساعدة أهالي الارض التي يزورونها.

[caption id="attachment_13807" align="aligncenter" width="576"]من تجوال  من تجوال "أرطاس"، آخر تجوالات المجموعة[/caption]

كيف يرتب التجوال

بما ان التعلم من السفر تعتمد بالاساس على اهالي المنطقة فالذي يقترح التجوال ومكانه هو أي فرد من افراد مجموعة سفر على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، ويرتب مساره بالتنسيق مع المنظمين الاساسيين للتجوال، وفريق الملتقى، وعلى الداعي يقع عبء تسيير المتجولين وتحقيق اهداف تجوالهم.

أهداف سفر .. ما حقق وما يسعيَّ إليه

سفر تسعى للتعلم، وسامر يرى انها حققت هذا الهدف. يقول:"هناك ايمان مطلق ان كل تجوال كان له برنامجه، وتعليمه الخاص ولا يمكن أن نؤمن بأن ثمة تجوال لم يثمر عن نتيجة.. او لم يتعلم المشاركين فيه اي شيء جديد، ويكفي ان المشاركين بالتجوال مختلفين بشكل مدهش، فبينهم الروائي والمصور والمدون والكبير والصغير ومن مختلف المدن".

عن المستقبل والعدد الذي يزداد وتأثيره على التجوال والاستفادة من المقابلات قال سامر " مستقبلاً لن يختلف شيء على التجوال الا ما يتعلق بنموه الطبيعي وازدياد الافكار التي تساعده، بدأ التجوال بشكل عفوي وكبرت القصة يقول مبتسماً". واضاف سامر ان العدد الذي بدأ بـ 14 متجولاً ازداد لخمسين ودب الرعب حين اصبح العدد 70 وكل شيء له مساوئ ومحاسن، اليوم يشارك في التجوال ما يزيد عن 150 شخص من كل مكان بالضفة الغربية، والعدد ليس المهم هنا، فحسب سامر التجوال هو تجربة شخصية وكل فرد يتلقى علمه بأسلوبه، والعدد هنا هو نمو طبيعي.

[caption id="attachment_13808" align="aligncenter" width="576"]من تجوال سفر الأخير في قرية ارطاس من تجوال سفر الأخير في قرية ارطاس[/caption]

أبرز معوقات التجربة

أهم المعوقات هو ان احتضان تجربة سفر فلسطين ضمن الملتقى العربي الذي لا يملك أي تمويل، وبالتالي ما لم يشارك عدد كافي يمكن ان يفشل التجوال، إلا ان شغف الفلسطيني لمعرفة ارضه والتجول بها مشياً ينمو داخل الملتقى، ويزداد العدد والتبرع لإنجاح تجربة الملتقى بشكل عام، فقد تلقوا تبرعات عينية واخرى عبر اعطائهم بعضاً من وقتهم وغيرها.

بين المعرفة، والحب، وشغف الفلسطيني ان يكون اقرب .. آراء المتجولين..

ندى صبيح من الخضر المشاركة الاولى في تجوال، ندى تقول ان تجوال تجربة مختلفة عن الرحلات وجولات التصوير، تتيح للمشارك أن يعيش تجربة الاحتكاك بالارض، والتعرف على المناطق بشكل اعمق، ورغم انها من منطقة الخضر جنوبي بيت لحم الا ان هذا لا يمنع انها عرفت اشياء جديدة في المنطقة.. وتضيف " بدلاً من التوجه إلى أراضي فلسطين الداخل، تساعد هذه التجوالات التي تعتمد بالأساس على السير في الوديان والجبال التي لا نزورها عادة ضمن تجمعات.. الشباب الفلسطيني على التعرف على بلده بشكل اقرب، "جور، ينابيع أماكن نمر بها لأول مرة، ونتعرف عليها لأول مرة.. كل شيء في تجوال مختلف".

أفنان صلاح من الخضر ايضاً وهذه هي مشاركتها الاولى، تقول: الميزة الاولى للتجوال ان فيها شباب من جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة، تساعد بالتعرف اكثر على الطباع والخصائص لمناطقهم عبرهم، فيما علق الشاب جابر صوفان من مدينة نابلس الذي يشارك بالتجوال للمرة الثالثة قائلا: تجربة تجوال سفر تعني لي الكثير، ساعدتني بالتعرف على عدة اماكن مهدده بالمصادرة من قبل "اسرائيل" واعطتني افكار جديدة لمساندة هؤلاء الذين يعانون من التهديد، ورغم التعب فيها الا انها تساعدك على تنمية موهبة الاستكشاف، قريبته زينة اعتبرت ان تجربة تجوال هي التجربة التي تستحق التكرار، وانها ساعدتها على استكشاف أماكن خلابة داخل فلسطين تضاهي بالجمال أجمل أماكن العالم.. داعية المنظمين القائمين على الفكرة للإستمرار وتطوير الفكرة بشكل اعمق.. وترى فيها الاسلوب الذي سيساعد على تكريس حب الارض جميعها لدى الشباب الفلسطيني.

أكبر المشاركين والمستضيف الصحافي اسامة العيسة من مدينة بيت لحم، والذي شارك في اول تجوال يقول ان غالبية المشاركين يحملون شغفاً معرفي وهو أول ميزاتهم، ثم ان وجود الشباب في هذا المشروع الذي وصفه بأنه المشروع القومي الفلسطيني، ومشروع العمر لكل مشارك .. لكنه اعتقد بأن الزيارة الواحدة لتجوال إلى أي من مناطق فلسطين ليست كافية، منوهاً إلى كون هذه التجوالات قبل سنوات قلائل لم تكن ممكنه، ولم يكن تقبل الناس لها كما اليوم اضافة لصعوبات الاحتلال والحواجز.

ty

ملاك شاور من الخليل اعتبرت ان المشاركة الاولى لها في خربة سوسيا المهددة بالإقتلاع لصالح المستوطنات بالخليل كانت كفيلة بأن تعيد تجربتها هذه مراتٍ عدة، وهو ما جعلها تأتِ لتشاركهم "لمة التجوال" مشيرة إلى أنها في كلتا المرتين حصدت معلومات من ارض الواقع وذكريات عن أهالي المنطقة جعلتها ترى الامور والصراع الفلسطيني- الاسرائيلي بشكل مختلف وواقعي أكثر، وهو ما لم يكن متاحاً لها قبل الانضمام للتجوال.

*ساعد في إعداد هذا التقرير حسين شجاعية.