شبكة قدس الإخبارية

هل تشعل واشنطن المنطقة بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال؟

هيئة التحرير

غزة – خاص قدس الإخبارية: فتحت التسريبات المتواترة عن نية الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، الباب واسعًا عن انعكاسات القرار وتداعياته على القضية الفلسطينية والواقع في منطقة الشرق الأوسط لا سيما في ظل ما تعيشه المنطقة العربية.

ويبدو أن ترامب لا يحسب حسابا لأية تداعيات أمنية أو سياسية قد تنتج عن قراره بالاعتراف بأحد الركائز الأساسية للثوابت الفلسطينية عاصمة لدولة الاحتلال، بالرغم من التوقعات المسبقة بإمكانية أن يؤدي ذلك لتصعيد الانتفاضة بشكل أوسع. الفصائل الفلسطينية من جهتها، أجمعت على رفضها المطلق والقاطع للفكرة أو الحديث بها بأي حال من الأحوال، في الوقت الذي تؤكد فيه على أن ذلك من شأنه اشعال الساحة الفلسطينية في وجه الاحتلال لا سيما وأن التجارب السابقة مع أية محاولة من الاحتلال للمساس بالقدس أو المسجد الأقصى لم تمر مرور الكرام.

أمر متوقع

من جانبه، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل إن التوجه الأمريكي لا يعتبر غريبًا لا سيما وأن الإدارات الأمريكية المتتالية لم تكن يومًا إلا داعمة للاحتلال، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تكن يومًا طرفًا نزيهًا في الصراع مع الاحتلال خصوصا وأنها من تمده بالسلاح والمال.

ويتابع المدلل في حديثه لـ "قدس الإخبارية": "ترامب لم يعد يؤمن بحل الدولتين الذي تتمسك به السلطة الفلسطينية، وهذه الأرض بالنسبة له أرض إسرائيلية وهو تساوق مع العدو الإسرائيلي، وهو ما يوجب على الفلسطينيين أن يراهنوا على قدراتهم عبر إنهاء حالة الانقسام وأن توقف السلطة الفلسطينية التعامل مع الإدارة الأمريكية والتفاوض العبثي مع الاحتلال".

وأوضح القيادي في الجهاد الإسلامي أن خطوة ترامب ستزيد وتكرس العداء من قبل الشعوب العربية لأمريكا، لافتًا إلى أن الإجراء الذي سيقوم به ترامب يجب أن يوجه الشعوب العربية والإسلامية ضرورة التحلي بمسؤولياتها تجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى.

ودعا المدلل المقاومة إلى التشبث بخيارها وأن تعمل على فضح الإجراءات الأمريكية والعمل الجاهد على وقف أية مفاوضات، مطالبًا بضرورة إنهاء الانقسام والعمل على تسريع المصالحة ومطلوب من السلطة تكريس المصالحة وعدم وضع العصا في الدواليب لعرقلة قطار المصالحة.

فقدان دورها

بدوره، اعتبر القيادي في حركة فتح يحيى رباح أن توجه الإدارة الأمريكية نحو الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال سيساهم في إفقادها دورها ومصداقيتها وسيؤدي إلى خروجها بشكل كلي من القضية الفلسطينية كلاعب ووسيط في هذا الملف.

وقال رباح لـ "قدس الإخبارية" إن القدس مفتاح السلم والحرب وهي عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية وأي خطوة تجاهها لن يؤدي إلى عملية سلام ولن يكون دور لواشنطن في فلسطين أو المنطقة، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني قادر على التصدي لمثل هذه الخطوات.

وأكد القيادي في حركة فتح أنه إذا أعلنت واشنطن ذلك فإنه سيكون مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية التي رفضت التعاطي والتساوق مع الخطوات الإسرائيلية في القدس المحتلة في أعقاب عام 1967، مشيرًا إلى أن القيادة الفلسطينية ستوقف أي اتصالات مع الإدارة الأمريكية في حال نفذ ترامب الخطة.

استمرار للنهج العنصري

في السياق، رأي القيادي بحركة حماس وعضو المجلس التشريعي عن كتلتها البرلمانية يحيى موسى أن الحديث الأمريكي في الفترة الأخيرة هو استمرار لنفس الموقف العنصري المساند للاحتلال المساند والمتحيز للاحتلال واليمين الإسرائيلي المتشدد.

وقال موسى لـ "قدس الإخبارية": "إن ترامب يهرب ويهرول للولبي الصهيوني ويقدم لهم رشاوي سياسية أشد إجرامًا من خلال عزمه الإعلان عن القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي وفيه تحدي للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة"، معتبرًا أن تنفيذه لمثل هذه الخطوات سيساهم في خروج واشنطن كوسيط في القضية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة إلى شريك علني للاحتلال.

ويستطرد القيادي بحركة حماس: "حالة الخذلان في المحيط وحالة الضعف في المنطقة وتفكك منظمة التحرير تجعل واشنطن لا تضع أي قيمة للعرب أو الفلسطينيين ويساهم في جعلها تمضي في سياساتها بشكل أحادي وفردي دون أن تضع اعتبار لأي ردة فعل".

وبين موسى أن كل الثورات الفلسطينية بعد أوسلو كانت السلطة الفلسطيني تتولى قمعها والالتفاف عليها، وهذه مشكلة الشعب الفلسطيني في قيادته التي تنسق مع الاحتلال، معتبرًا أن نجاح أي حراك جماهيري وشعبي مرهون في غياب القيادة الحالية.

قراءة تحليلية

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ناجي شراب "إن القرار الأمريكي قد يميل إلى الإعلان عن القدس الغربية عاصمة لإسرائيل ويتحدث فيه عن نقل السفارة بطريقة غير مباشرة، مع الإشارة إلى أن القدس كانت سببا من أسباب إشعال انتفاضة الأقصى".

ورأي شراب في حديثه لـ "قدس الإخبارية" أن الحالة الإقليمية غير الفاعلة والواقع الفلسطيني المتردي والمشاكل الدولية التي جعلت القضية الفلسطينية لا تحظي بالأولوية قد يساهم في صدور مثل هذا القرار، دون أن تنشغل واشنطن بردة الفعل العربية.

ونوه أستاذ العلوم السياسية إلى أن خروج مثل هذه القرارات بشكل رسمي سيكون انعكاسه على السلطة ومستقبلها واضحًا لا سيما في الضفة الغربية، وسيؤدي إلى اجهاض وغلق باب التفاوض لا سيما في ظل المشكلات التي تعيشها منظمة التحرير بواشنطن حاليًا.