شبكة قدس الإخبارية

هل يعلم محمد بن سلمان؟

وسام محمد

تتعالى أصوات الحجارة في شوارع فلسطين المحتلة، شبان وشابات يدافعون عن الأمة، ليس منة منهم، إنما سنة الله على الأرض وتكريس لمعادلة الحق التي ترفض الظلم والقتل والاستعمار، إنها فلسطين العادلة الممزوجة بنسائم الإسراء في القرآن ومعراج السماء، إنها الأرض العربية المعطرة برائحة الكرامة المستنشقة من حبيبات ترابنا العربي.

هي فلسطين التي تنادي من آمن بمعتقدات أمتنا وأعرافها وديانتها، لعلهم يدرون أو يتحسسون أن عروستهم تواجه احتلالًا استعماريًا توسعيًا يلهث وراء السيطرة والدم والتوسع والاستيطان. هي فلسطين التي لا تنتظر سامعًا يستعطف النداء، إنما تنتظر إيمانًا بما أنزل إليهم من السماء.

صاحب السمو ولي العهد محمد بن سلمان، لقد وصلتنا تلك الأخبار المهرولة إلينا عن هرولة استراتيجياتكم للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي المستوطن في القدس الشريف، وعليه فإننا نحيطكم علمًا بالنقاط الآتية:

1- إن فلسطين حق حصري للأمة العربية والإسلامية، وكل الإجراءات والوعود والسياسات التي تنتقص أو ستنتقص من هذا الحق، فهي باطلة بموازين التاريخ والقانون والدين والأعراف.

2- فلسطين هي القضية الجامعة لكل أطياف الأمّة باختلاف مذاهبهم الدينية والسياسية والفكرية، والاحتلال الصهيوني هو العدو الأول والأخير، وعلينا تصويب بوصلة الصراع ضده، وتجنب الخلافات والصراعات الداخليّة في الأمة العربية والإسلامية، لأن ذلك ينعكس سلبًا على فلسطين التي تَقوى بقوة أمتها وتضعف بضعفها.

3- إن الاحتلال الإسرائيلي عنوان للشر والظلم في المنطقة وهو نقطة سوداء في التاريخ البشري، وعدو استراتيجي لا يتغير بتغير الظروف والسياسات والحكام، هو عنوان للصراع بين الحق والباطل، بين العدل والظلم، بين الانسانية واللاإنسانية، وسيستمر الفلسطينيون ومعهم الأحرار من أمتنا في المواجهة إلى أن يتحقق العدل وينتهي الظلم، ويستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في وطنه وأرضه.

4- التطبيع مع دولة الاحتلال خطيئة كبرى وفي ثناياها خطايا متعددة، وفي طياتها إشكاليات معقدة أولها الإشكالية الدينية ولن يكون آخرها الإشكالية السياسية والقانونية والثقافية والقومية، وهو قرار مخالف لمصالح الأمة ولن يحقق أي مكاسب لها.

5- القدس عاصمة عروبتكم، تتغنى بأشقائها وتتفاخر بهم، تستمد قوتها من قوتهم وتضعف بضعفهم، تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم، ولن ترضى لكم سوى الأمن والاستقرار والوئام، فهي التي تستعد لاستقبالكم في عيد النصر القريب بإذنه.

6- إن القدس هي قضية الأمة وأكبر من اختزالها في أوهان ومغامرات السياسية، هي قضية انسانية تسببت بها العصابات الصهيونية الذين قتلوا وهجروا ملايين الأبرياء وسرقوا الحق العربي والإسلامي، وسيطروا على أولى القبلتين ومسرى الرسول الذي يتعرض لاعتداءات متكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، حيث تتوالى مشاهد الاعتداءات المتكررة على نساء القدس وحرمة الأقصى المبارك، فلا يمكن القبول بهذه الانتهاكات مقابل أهداف وغايات سياسية ستثبت فشلها عما قريب. ولا يمكن تصديق مكر الاحتلال الإسرائيلي الذي طبع علاقاته مع بعض دولنا العربية والإسلامية، لأن هذه الدول نفسها لم تسلم من اعتداءاته وانتهاكاته لسيادتها وأمنها واستقراها.

7- إن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ليس بالقرار الصائب على المستوي السياسي العربي أو حتى القومي، لأن التصالح مع الخصم يأتي لأهداف ومصالح مشتركة، لكن الاحتلال الإسرائيلي ليس بالخصم أصلًا، وإنما هو عدو على المستوى السياسي والأمني والثقافي، رفيق صفة الغدر والمكر الساعي لإلغاء الآخر والاستفادة من خيرات الأمم والشعوب لتكريس الساحات والعواصم لمصلحته الأمنية كما يفعل مع العديد من عواصم بلادنا العربية المطبعة معه والتي حولها لأوكار لمخابراته وجهازه الأمني المعروف بالموساد، في حين أن القصد من السياسة العربية الخارجية أن تأصل لصالح القضية المركزية التي يتبناها الأحرار من الأمة، والاستفادة من أوراق القوة التي يمتلكها الفلسطينيون في مواجهة المشروع الصهيوني، وهم بلا شك يرحبون باستثمار أوراق قوتهم في توحيد الأمة ضد الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه الاستعماري التوسعي.

أخيرًا، ندعو سموكم إلى مراجعة شاملة لخياركم مع الاحتلال الإسرائيليّ، ونرى أنّ التطبيع مع الاحتلال يتناقض مع حقائق التاريخ وسننه وقيم الأمة وثوابتها، فاستمعوا لكلمات الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز الذي أصبح أيقونة فخر للسعوديين والفلسطينيين وللأمة كافة، واسمحوا لنا سمو الشيخ، أن ندعوكم إلى انتظار موعد اللقاء مع القدس لسنوات قليلة، حينها ستدخلون القدس والأقصى مع الفاتحين بعز وفخر يسجله التاريخ لكم، لا أن تدخلوها اليوم تحت راية التطبيع.