شبكة قدس الإخبارية

عندما يهان المحامي أمام القاضي وفي المحكمة

سمير دويكات

المتتبع لكل فترات التاريخ، يجد أنه عندما كان يسود القانون كانت الدولة قوية وعادلة، وعندما كان القانون سليب والواسطات والمواقف الشخصية والمصالح الخاصة مفضلة على مصلحة العاملة كان يسود جو الهزيمة والفرقة والتناحر وتطفو قوة الاعداء ضدنا، وهي اليوم تتكرر في مشاهد كثيرة، فما غلب علينا الاحتلال واستمر واستقوى سوى لضعفنا وفسادنا وغلبت مصالحنا الشخصية على مصلحة الدولة والعامة وسواد جهلاء الناس علينا، واستحقار تطبيق القانون وعجز كل المرافق المتعلقة بالقضاء والنيابة والشرطة التي يتوجب ان تكون في خدمة الشعب كله ولا غيره.

ضُرب كثير من المحامين والقضاة وأعضاء النيابة واعتدي عليهم في فترات سابقة سادت فيها الفوضى والبلطجة، لأن القائمين على سيادة القانون لم يراعوا أن يسود يوما وأن يقوى ويكون سيد الأحكام، فتم التآمر على كل مرافق العدل في التعيين والتقويم والسيادة القانونية وتطبيق القانون وأدى ذلك إلى أن تمشي سيادة القانون عرجاء متلعثمة، وهوجاء ساقطة في ضروب اليأس والانحدار، وغلبت عليها الفوضى العارمة والبطء في النهوض، وكأن القانون لم يخلق يوما في هذه البلاد.

ليست مقارنة ولكن محاكم الاحتلال وهي صورية وعدم قانونيتها، نلاقي منها احترام لا يقل عن كونها محكمة احتلال تحاكم بصورية الحقيقة وكذب الإدعاء وزور الاحكام ولكن تبقى هيبة المحاماة صادمة قائمة تعلو صوت القانون بسيادته وتقزم الاحتلال بجبروته، فلم نلاقي ما نلاقيه في دولة من المفروض أن تكون دولة قانون ذات سيادة وطنية لا تهاب العدل أو المساواة أو الحكم النزيه والشفاف.

فالمحامي من صفته القانونية والشخصية الملاصقة له طوال حياته أن يسخر نفسه للدفاع والمحاماة عن المواطنين البريئين والضعفاء، وأهم من ذلك كله قيام الحق ونضوجه واستمراره، ورفع راية العدل، وتقويم المخطىء وتصحيح الكذاب، ومنح محاكمات عادلة، وخلاقة وذات تقويم لا ينبري على أن يكون أقل ما يقال أنه مع سايدة القانون وعلوه والتي لا تقبل غيره في سيادة مؤسسات دستورية وطنية.

إن ما حصل اليوم، يندى له الجبين ويسقط من مقومات حساباتنا الكلية والجزئية، أملا في نكون دولة قانون محترمة تقيم العدل وتنصر المظلوم وتعاقب الظلم بقضاء مستقل لا يعلوه سوى الالتزام بتطبيق روح القانون والالتزام باحكام الدستور، اعتقال محامي بهذه الطريقة وهذا الاسلوب لم يحصل ولن يكون في الدول المارقة التي لن تعرف يوما القانون، وحتى في غابات تحكمها قوى غير بشرية، وعليه يلزم قبل كل وقت أن تستنهض قوى العدل ومؤسسات الدولة القضائية بكل أطيافها ومواطنيها لحماية الروح القانونية والقضائية من انهيار مدوي وهو ما يرغبه بعضا من حماة القانون انفسهم. لأن تربيتهم لم تكن سوى على طريق توصلهم لمصالح شخصية بحته.