شبكة قدس الإخبارية

حماس وإيران: الثابت والمتغير 

علاء الريماوي

يتابع الباحثون عن كثب زيارة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس الشيخ صالح العاروري زيارة طهران، ولقاءاته رفيعة المستوى مع القيادة الإيرانية، والإهتمام الكبير من جانب الإيرانيين وحلفائهم في المنطقة، والتي تحولت أي الزيارة، إلى الحدث الأبرز على وسائل الإعلام المقربة من النظام.

العلاقة المتطورة مع إيران حظيت لدى حلفاء حماس وأنصارها، والمعارضون، بنقاش كبير يمكن تلخيصه عبر جملة من المواقف وهي على النحو الآتي:

المعارضون، وجدوا أن هناك خذلان للشعوب العربية التي سحقت بفعل العبث الإيراني في اليمن، وسوريا، والعراق، والدم المسفوك لأهل السنة في هذه المناطق، بالإضافة إلى قناعة بأن إيران، لا يحركها باتجاه حماس سوى ما تمتلكه الأخيرة من شرعية مقاومة، تحولت في المنطقة إلى حالة الهام يجمع عليها ، خاصة في الجانب العسكري ممثلا بكتائب القسام.

هذا الحديث يضاف إلى اتهام، الحركة بالعشوائية في المواقف والانتقال من محور إلى محور دون الثبات على موقف ثابت حتى في أمر استراتيجي كهذا.

المؤيدون: وجدوا بأن حماس حافظت على موقفها، الرافض للظلم، والمساند لحركة التغيير في المنطقة، ودفعت مقابل ذلك، مواقف متشددة من إيران والحلفاء لها، ولا زالت أي الحركة متمسكه بالموقف، لكنها أيضا وفي السياق تتعاطى مع موازين القوى في المنطقة على قاعدة نصرة القضية الفلسطينية.

لذلك هي تقيم علاقات مهمة، مع قطر، وتركيا، وفي ذات الوقت، ايران، وحزب الله، ولها علاقة متينية، مع تفرعات حركة الإخوان المسلمين في العالم، في الوقت الذي تتقارب فيه مع إيران، ولا زالت في ذات الوقت، تحافظ على شبه شعرة معاوية، مع السعودية، والإمارات، والأردن، لفهم الحركة بأن القطيعة مع أي ساحة من الساحات سيفقد القضية الفلسطينية عنصرا من عناصر الإسناد للقضية الفلسطينية.

المتابع لتاريخ حماس مع إيران يجد جملة من المراحل يمكن تلخيصها بالآتي: مراحل العلاقة مع إيران أولا: مرحلة الإعجاب والتي ورثتها الحركة عن التيار الإسلامي بمختلف تياراته بالثورة الإسلامية في إيران. ثانيا: مرحلة العلاقة والتي بدأت تأخذ شكل العلاقة الوثيقة بعد بروز حماس كحركة مقاومة لها ثقل على الأرض الفلسطينية. ثالثا: مرحلة العلاقة الاستراتيجية، والتي جاءت بعد طرد حركة حماس من الأردن وتوجها للأراضي السورية، والتي تحولت فيها العلاقة مع حماس إلى علاقة استراتيجية على أكثر من صعيد. رابعا: علاقة التراجع والشك: والتي نشأت بعد رفض الحركة الواضح لمساندة الإجارم السوري على الأرض السورية، والموقف من الربيع العربي ونتائجه في مناطق مختلفة منها اليمن. خامسا: علاقة الترميم والمتابعة، والتي بدأت قبل الحرب الأخيرة على غزة، والتي وجد الإيراني فيها بأن خسارة العلاقة مع حماس خسارة لحلف مع أكبر الحركات المقاومة، الأمر الذي يعني خسارة ورقة مهمة في جعبة ايران. سادسا: التحول في التصنيف، في البلاط الإيراني، كان ينظر لحماس بأنها الأقرب لتحالف يعارض طهران ومشاريعها في المنطقة، لذلك كان الانقسام وتيارات مختلفة ترى بضرورة وضع حدود للعلاقة مع حماس وربط ذلك، بزيارة للسيد خالد مشعل لإيران في إشارة لاعتذار عن مواقف حماس تجاه سوريا والموقف منها، الأمر الذي رفضته حماس، بعد الحرب الأخيرة، وظهور حماس بالمظهر غير المسبوق في قوة المقاومة، ظهر رأي في ايران ومن المستويات العليا، قبول حماس بمواقفها من قضايا الشرق، مع السرعة في ضرورة تحسين العلاقة مع الجناح العسكري لحماس واستمرار دعمه، وإن حافظت إيران على الدعم بمستويات مختلفة حتى خلال الأزمة. سابعا: مرحلة الانفتاح السياسي من جديد والذي بدأ منذ عام، والذي توج بما نشهده اليوم، من إعادة لعلاقة ظلت خجله، إلى علاقة علن تشابه أشكال العلاقة التي كانت عليها في مراحل مختلفة من تاريخ الحركة وايران.

هذه المراحل المهمة في التوثيق للوصول الى ما تؤمن به الحركة في علاقتها مع إيران وفق الثابت والمتغير. أما الثابت: أولا: تعتبر حماس وعبر منطلقاتها العقدية، أن هناك اختلاف في منهج أهل السنة والجماعة، وعن منهج الشيعة، لذلك تنأى الحركة بنفسها عن تقارب المناهج وتبقي العلاقة في الإطار السياسي. ثانيا: تتمسك الحركة بأدبياتها، بحق الشعوب في مقاومة الظلم، وتعتبر قمع الأنظمة، وتجبرها في الشعوب نكبة تصيب الأمة. ثالثا: تؤمن حماس من حيث المبدأ بأهمية التغيير في الأنظمة وتحولها إلى نظام ديمقراطي شوري لا يبق الهيمنة للون على الساحة السياسية. رابعا: ترى حماس بأن التدخل العسكري لأي دولة في الأرض العربية، بالقوة نوع من أنواع الاحتلال، سواء كان الوصف، أمريكيا، أو روسيا، وحتى إيرانيا، لا يقبل خاصة في حال المشاركة العسكرية. خامسا: تعتبر حماس العلاقة مع ايران ومع مختلف دول الإقليم مصلحة استراتيجية مهمة لنصرة القضية الفلسطينية. سادسا: ترى حماس بالخلفية الإخوانية، باعثها في التحرك نحو فلسطين، ومقاومة الإحتلال فيها، وبذلك تقدم العلاقة الضامنة لإنجاح مشروع المقاومة. المتغير : أولا: ترى حماس أن العلاقة مع الدول يحكمها التبادلية والاحترام، والتكافؤ في التبادلية، وبذلك يرتفع شكل العلاقة وينخفض، بحسب ما يعود بالمصلحة على نهج المقاومة. ثانيا: ترى حماس بأن محاولة استغلال العلاقة معها لأجندات، الدول يلزمها موقف يتموضع في العلاقة بحسب حجم الاستغلال ومنطقه. ثالثا: الانغلاق على المحاور بشكل منفصل لا تلتزم به حماس كقاعدة عامة، وتبقي للسياسية تقييم الانفتاح والانغلاق.

السؤال: هل تستفيد حماس من العلاقة مع إيران؟

لوكانت الإجابة نعم دون خسارة لما كان هناك ضرورة لكتاب هذا المقال، ولوكانت لا لكانت ذات النتيجية. اليقين أن الحركة تربح وتخسر، وبذلك نقاش حماس في تقديري، هل الربح أكبر من الخسارة من الناحية الوطنية والمقاومة للاحتلال؟ إجابة السؤال هنا لا بد لها من معلومات لا تحليل الأمر الذي لا أدعي معرفته المطلقة لكن وبحكم المتابعة، والتسريب من مصادر وازنة فإن حماس تستفيد في العلاقة مع إيران جملة من القضايا. أولا: الدعم العسكري الذي لا تستطيعه أي دولة عربية، والذي كان واضحا في أحد اللقاءات مع السعوديين، حين طلبت من حماس قطع العلاقة مع طهران، استعدت حماس بذلك على شريطة قيام السعودية والعرب، بدعم حماس بالسلاح الذي تدعمه طهران، فرد أمير سعودي وازن هذا أمر لا نستطيعه. ثانيا: الدعم المالي وإن ظل هذا الملف، متذبذب وغير ثابت، إلا أن ايران يمكنها رفع مستويات الدعم، في ظل حصار كافة مصادر حماس المالية، في الدول العربية، الأمر الذي يمس قدرة الحركة في المجالات المهمة والحيويه، إذ لا يعلم الكثير أن حصار المال 90 % منه عربي. ثالثا: تمارس الأنطمة العربية حربا فيزيائية على حماس، حتى في وجود ونشاط قادتها، وفي المقابل تجد الحركة بعضا من تموضع في مساحة الوجود الايراني وحلفاؤه. عدا، عن توفير أشكال من العلاقات مع قوى يمكنها خدمة المشروع المقاوم في المراحل القريبة والبعيدة.

على صعيد آخر ما الذي تخسره حماس في العلاقة مع طهران: أولا: استمرار خسارة الأنطمة التي أصلا لا تألف العلاقة مع حماس. ثانيا: ستخسر الحركة، تيارا مهما خارجيا، داعما لها يرى في ايران رجس من عمل الشيطان، وهذا التيار، ظل ظهير الحركة في مراحل عملها، لكن تراهن حماس على إقناعه بمنطقها السياسي في زمن التشوه. ثالثا: سيعزز نظرة الغرب وسيوفر مادة خطاب اسرائيلية تجاه حماس. رابعا: سيؤخر حركة التعافي لنشاط حماس في بعض الساحات العربية التي يتواجد فيها ثقل فلسطيني مهم.

في المقاربة كما ترى حماس، نسب الخسارة كبيرة، والربح أكبر، وهي في المقاربات تسعى لتعظيم الربح للمشروع الوطني، وتمضي دون انغلاق لتخفيف المضار ليبق التساؤل موجها حماس: هل وعت قياداتها حجم الألغام في الطريق، وهل ملكت قيادتها، الجديدة خاصية تفكيك الألغام؟ الاجابة شاقة، والترقب كبير، في ظل بيئة عربية وإسلامية تقرب "إسرائيل" اليها، وتعلن موقفًا واضحًا بحرب على المقاومة.