شبكة قدس الإخبارية

كوبر تحتضن المقاومة.. منازل الفدائيين تُبنى من اللحظة الأولى

هدى عامر

كوبر- خاص قُدس الإخبارية: حالة خاصة تعيشها بلدة كوبر شمال غرب مدينة رام الله، يبدو أنّها ستكون نموذجًا يحتذى في الالتفات الشعبي حول المقاومة، وأمام اعتداءات الاحتلال بالمداهمات والاعتقالات ومؤخرًا عملية هدم منزل عملية حلميش، بدت الصورة أكثر تماسكًا حيث تتشابك الأيدي للانتصار على الاحتلال وجرائمه في كلّ مرّة.

وهدمت قوات الاحتلال صباح اليوم منفذ عملية حلميش  البطولية عمر العبد، واندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال، أصيب خلالها 13 مواطنا بالرصاص المعدني، إلى جانب إصابة 13 مواطنا بالاختناق جراء إطلاق قنابل الغاز، حسب جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني.

الاحتلال استبق عملية الهدم باعتقال والدة منفذ العملية وتقديم لائحة اتهام ضدّها تزعم بأنها كانت على علمٍ بنية نجلها تنفيذ عملية بالمستوطنة المجاورة، كما اعتقلت عمه الصحفي إبراهيم العبد.

وقالت زوجة الصحفي الأسير إبراهيم العبد لـ"قُدس الإخبارية"، إن قوات الاحتلال تستهدف العائلة منذ وقوع العملية وحتى الآن، بالاعتقالات والتضييق وما حصل صباحًا من هدم منزل العائلة الذي يحتويه واعتقال أفراده، مضيفة "الاحتلال يعتقل زوجي ووالدة الشهيد واعتقل والده وشقيقه لمرات عدة، ومن المفترض أن تعقد محكمة الاحتلال لهم، ولا علم بتفاصيلها حتى الآن".

من جهته، أوضح رئيس بلدية البلدة عزت بدوان إن جنود الاحتلال اقتحموا البلدة بأعداد كبيرة وآليات عسكرية وجرافتين وباكر، وداهموا منزل الشاب عمر العبد منفذ عملية "حلميش"، كما اقتحموا عددًا من البيوت المجاورة واحتلوا أسطح المنازل، وشرعوا بهدم أجزاء من المنزل.

وأضاف لـ"قُدس الإخبارية"، أن الاحتلال وضع إشارات على شمع المنزل، لوضع متفجرات عليها وهدم المنزل من خلالها، وحاولوا إظهاره بشكل واضح، كما ارفقوا فوق ركام المنزل إخطارًا مفاده "أن الهدم جاء ردًا على تنفيذ عملية ويحذر الأهالي من إسنادهم"، مضيفًا "إسناد العائلة حق طبيعي لهم، وواجب على ابناء الشعب الفلسطيني ليبقى لهم المأوى وحفظ الكرامة".

واندلعت مواجهات متفرقة مع قوات الاحتلال في كوبر وأبو شخيدم، وأطلقوا قنابل الغاز تجاه الشبان، فيما تصدى الشبان للاحتلال وعمليات الهدم بالرشق بالحجارة والمولتوف، ومارس الأهالي صباح اليوم حياتهم الطبيعية بعد إعادة فتح الطرقات والمدخل الرئيسي.

الناشطة أغصان البرغوثي قالت إن نقاشات جديّة ستجري في البلدة بعدما هدمت قوات الاحتلال منزل عائلة العبد لإقامة حملة كبيرة وتبرعات بهدف إعادة بناء المنزل المهدوم وتقديم الدعم للعائلة، مؤكدة أن الأفكار مطروحة منذ اللحظات الأولى للعملية، وذلك بناءً على التجارب السابقة.

وأكدت في حديثها لـ"قُدس الإخبارية"، أن الملاحظ في البلدة مؤخرًا هو حجم التكاتف القوي والتصدي لاعتداءات الاحتلال، والكلّ مجمع على شيء واحد بدون تذمر وبحالة فخرية كاملة، حتى أن تبرعات من خارج القرية بدأت بالتحرك وصولًا لدعم العائلة، إضافة إلى التبرع لأرض في البلدة لبناء المنزل عليها.

وأشارت البرغوثي إلى أن شبان البلدة شكّلوا حالة من اللجان الشعبية المصغرة تشبه إلى حد ما أشكال التضامن في الانتفاضة الأولى، فقد وزعوا أنفسهم على دوريات الحراسة على المداخل والطرق لمراقبة تحركات الاحتلال في كافة الاتجاهات، واستخدام أجهزة الصوت "المخشير" للتواصل بينهم، ومعرفة موعد الاقتحام وتحضير أنفسهم للمواجهات، مضيفة "الشبان هم جيل أوسلو الذي شهد المآسي جميعها لكنّه أفشل كل شوائب السلطة والاحتلال، ويحاول الانتصار لنفسه".

وأوضحت أن قوات الاحتلال وضعت إخطارًا فوق ركام المنزل المهدوم صباح اليوم، كان نصّه "أن الهدم لمنزل الإرهابي عمر العبد وسيعاقب كل من يساند الإرهابين"، مؤكدة أن الإخطار لا يمكن أن يرهب أهالي البلدة الذين كانوا يفتحون الطرقات المغلقة والمداخل في كل مرة يغلقها الاحتلال، وكانوا يتصدون لاقتحامات الاحتلال وإغلاقاته.

وبحسب البرغوثي، فإن والدة الأسير عمر العبد كان يقول دائمًا لأهالي البلدة "إنه حزين لما يحصل معهم وبالبلدة لأجل عمر" لكنّ أهالي البلدة جميعهم كانوا يؤكدون أنهم مستعدون للتضحية، مؤكدة "أن البلدة ستشكّل نموذجًا يحتذى، لأنها وبرغم خلافاتها العائلية واختلافاتها توحدت بشكل كامل أمام الاحتلال وأعلنت المقاومة والإسناد".