شبكة قدس الإخبارية

وسام أبو عاصي.. جدة على مقاعد الإنجاز

رويدا عامر

خانيونس - خاص قدس الإخبارية: العلم لا يحدده عمر.. على هذا المبدأ سارت العديد من السيدات في قطاع غزة، على الرغم من الظروف القاسية التي تحيط بهن، والتي تتعب الرجل والمرأة على حد واحد، ولكن الإصرار والمثابرة تمثل في نموذج من السيدات اللواتي حملن شهادة الثانوية بعمر متقدم وبعد غياب طويل عن مقاعد الدراسة.

وسام أبو عاصي متزوجة ولديها 6 أبناء، أحدهم طالب جامعي وابنته الكبرى متزوجة ولديها طفلين، وذلك لم يثني وسام عن خوض حلمها، ولكن في كل مرة كانت تتراجع خوفاً من صعوبة المنهاج أو عدم  توافق الظروف معها، وبعد 26 عاماً قررت ان تنهي الثانوية العامة متحدية أي ظرف كان.

 قدس الاخبارية زارت وسام أبو عاصي لتتحدث عن تفوقها، "لم أنسى التعليم بعد الزواج، بل كل عام كنت أنوي اكمال مرحلة الثانوية العامة،  ولكن كنت اقلق من المنهاج، وبعد فترة طويلة قررت أن يكون هذا عام تخرجي من الثانوية العامة، في بداية العام ألتحقت بالفرع الأدبي لمدة شهرين فقط، ومن ثم سألني الجميع ،ماذا ستكون دراستك الجامعية، وكانت اجابتي هي علوم القرآن، لذا أشاروا علي الانتقال الى فرع الشرعي والاستمرار به، وأكملته للنهاية".

أما عن كونها أمًا وطالة في ذات الوقت، فقالت أبو عاصي لـ قدس الإخبارية، "كان الأمر يبدو صعباً،  ولكن دعم الأهل هون الصعوبات، فزوجي أستاذ فيزياء وكان يدعمني بشكل كبير، واتفقنا أن نوزع المهام بالمنزل لكي تكون الامور بسيطة ولا يتأذى أحد من انشغالي بدراستي، حتى والدة زوجي تبلغ من العمر ثمانين عاماً تشجعني وتدعي لي بالتوفيق، ولا تحب أن اساعدها بشيء بل تقول لي اذهبي لدراستك فقط، لا أريد منك شيء".

"الذي كان صعباً علي خلال دراستي هو نظرة المجتمع لي عندما أذهب الى المدرسة كل يوم، وانا أسمعهم يقولون متزوجة ولديها عائلة وكبيرة بالسن تذهب الى المدرسة مع الفتيات الصغيرات، وهذا الأمر لم يكن يعيق دراستي بل كان يزيدني اصرارًا بأن أتفوق وأثبت لهم عكس نظرتهم لي، بأنه يمكن للمتزوجة ان تتفوق في دراستها وإن كانت مسنة".

حالة من الفرح تسود منزل وسام أبو عاصي بعد حصولها على معدل 93% بعمر 46 عاماً، أرادت أن توصل من خلال تجربتها رسالة لأبنائها أن من أراد أن يحقق هدفاً يستطيع بلوغه بالاجتهاد والنشاط .

ولكن لم تكتمل فرحتها بعدم وجود أهلها بجانبها فهم يعيشون بألمانيا بعيداً عنها يبكون لاشتياقهم لابنتهم وفخورين بنجاحهم، وهي تبكي لعدم استطاعتها عناق والدتها التي تهنئها بنجاحها في كل دقيقة معبرة عن فخرها بإصرار ابنتها الذي لم ينقطع .

زوج وسام الأستاذ ناجي أبو عاصي "55 عاماً" أستاذ فيزياء كان له دور في تفوق زوجته أيضًا، "التعليم هو حقها فعندما طلبت مني اكمال تعليمها بعد سبع سنوات من الزواج لم أمنعها، ولكنها هي من رفضت لصعوبة المنهاج، وخلال هذا العام أصرت على خوض التجربة ولم أمانعها أيضاً،  ولكن كان شرطي الوحيد هو عدم تأثير دراستها على حياتنا المعيشية وتربية ابنائنا وادارة البيت وهي كانت موافقة على شرطي، وبالفعل لم أرى أي تقصير منها، بل كان كل شيء على ما يرام وفي شهر رمضان ساعدناها لكي تنهي شهر الامتحانات على خير وشجعناها وكنا داعمين لها".

ويضيف أبو عاصي لـ قدس الإخبارية، "كنت المساند لها خلال العام على الرغم من شكواها المتكررة من تعامل الطالبات معها ونظرة المجتمع لها، الا انها استطاعت كسر هذه القسوة وتحويلها الى علاقة حب واحترام، وأنا أيضاً لا تعجبني نظرة المجتمع السلبية لأني أؤمن أن من حقها التعليم وهي تستحق ذلك لأنها مثابرة ونشيطة جداً".

وسام أبو عاصي ختمت حديثها برسالة لجميع السيدات عبر قدس الإخبارية، "أريد أن أقول للسيدات اللواتي لم يحالفهن الحظ بالتعليم لأن الظروف كانت متغيرة،  ولم يستطيعوا مواصلة تعليمهم عليهن أن يحاولوا مرة واثنان وثلاثة لتحقيق هدفهن والوصول الى النجاح، وأتمنى من الفتيات والشباب أن يتمسكوا بهدفهم ويثابروا من أجل النجاح والتميز".