شبكة قدس الإخبارية

كفر قاسم تنتفض

شذى حمّاد

الداخل المحتل - خاص قدس الإخبارية: ثلاثة رصاصات انتزعت الحياة من محمد طه لتمنحه الشهادة، وتشعل في كفر قاسم شرارة ثورة جديدة، فالبلدة التي تغلي منذ شهور، تنفجر اليوم بوجه سياسات الاحتلال الممارسة بحق أبنائها.

مساء الاثنين الخامس من حزيران، أشعل شبان كفر القاسم النار داخل مركز شرطة الاحتلال المقام في بلدتهم، كما أحرقوا كافة مركبات شرطة الاحتلال المتمركزة في مناطق مختلفة داخل كفر قاسم، صابين جام غضبهم على عناصر شرطة الاحتلال.

تعزيزات عسكرية كبيرة دفع بها الاحتلال إلى بلدة كفر قاسم التي تتربع وسط الداخل المحتل، عضو اللجنة الشعبية في كفر قاسم، غازي عيسى أوضح لـ قدس الإخبارية أن الاحتلال دفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى البلدة حيث شهدت مواجهات عنيفة حتى ساعات الفجر.

وأضاف، "لأول مرة نشهد قدوم هذا الكم من التعزيزات، فيما علق كبار السن في البلدة، أن ذلك يذكرهم بأحداث المجزرة- في 29 تشرين ثاني 1956، ارتكبت فرقة "حرس الحدود الإسرائيلي" مجزرة في البلدة، استشهد خلالها (49) فلسطينياً- المشهد كان مخيفاً، وتحولت البلدة إلى ثكنة عسكرية بعد أن تم إغلاقها".

ولفت عيسى إلى أن الوضع في كفر قاسم مشحون جداً ومرشح للتصعيد، "اجتمعت اللجنة الشعبية والبلدية لتخطيط لفعاليات احتجاجية ستتواصل حتى السبت القادم".

البداية.. ليست اليوم

بينما يتواجد رئيس حراسات البلدة عبد السميع طه بالقرب من متنزه بلدة كفر قاسم، أوقفته وحدة من شرطة الاحتلال وأخضعت مركبته للتفتيش قبل أن تبدأ بالاعتداء عليه بغاز الفلفل والكهرباء، ثم اقتياده إلى مركز شرطة الاحتلال المقام في البلدة.

المحامي عادل بدير - أحد شهود العيان - قال لـ قدس الإخبارية إن شرطة الاحتلال استخدمت العنف مع عبد السميع خلال توقيفه وتفتيشه، إذ اعتدت عليه بالضرب ورشته بغاز الفلفل ثم صعقته بالكهرباء، "تدخل الأهالي الدين تواجدوا في المكان، فبدأت عناصر الشرطة بإطلاق النار وتفريق المتجمهرين الذين اتجهوا إلى مركز شرطة الاحتلال في البلدة".

حاصر الشبان شرطياً وحارسين اسرائيليين داخل مقر الشرطة، وما أن حاول بدير الوصول إلى المركز والتفاوض لوقف إطلاق النار على المتجمهرين، حتى أطلق الرصاص بشكل مباشر ومن مسافة قصيرة جداً على الشاب محمد طه، يقول بدير، "أصيب محمد في القسم العلوي من جسده بثلاثة رصاصات بالرقبة والفك والرأس، على الرغم أنه لم يكن يشكل أي خطر، ما أدى لتأجج الوضع وتصعيد المواجهات".

ثار جنون أهالي البلدة التي ودعت ستة من أبنائها منذ بداية عام 2017 بسبب جرائم افتعلت داخل البلدة، اثنين منهم قتلوا نهاية شهر أيار خلال خروجهم من صلاة التراويح، ورغم مطالبات الأهالي شرطة الاحتلال التحقيق بما يتركب من جرائم، إلا أنها جمعت تسجيلات كاميرات المراقبة وأقفلت ملف التحقيق.

الاحتلال لا يريد لجنة الحراسة

قتل شبان البلدة الناشطين في توفير الحراسة لأهالي كفر قاسم، يشير إلى الاحتلال كمتورط رئيسي في قتلهم، وخاصة بعد فشل محاولاته بتفكيك لجنة الحراسة المجمع عليها من أهالي البلدة.

يقول العضو في اللجنة الشعبية في كفر قاسم، غازي عيسى لـ قدس الإخبارية، "كفر قاسم بلدة مستهدفة، وما تقوم به لجنة الحراسة هو عمل مقدس، إلا أن بعض الجهات لا يروق لها هذا العمل، ساعية لتحويلها لبلدة يسود بها الفساد، ونحن لا نقبل بذلك".

أهالي كفر قاسم أسسوا في بلدتهم لجنة حراسة بدأت كلجنة تطوعية منذ احتلالها، إلا أن مهمتها في السنوات الأخيرة زاد تعقيدا وأهمية في ظل انتشار الجريمة وتجاهل شرطة الاحتلال لمشاكل البلدة.

يبين عيسى أن اللجنة أخذت على عاتقها مسؤولية حل المشاكل الاجتماعية والأسرية، ومنع ارتكاب الجرائم، والقضاء على أوكار المخدرات فيها، ومنع ما تسمى "الخاوة" والتي تحاول بعض العائلات فرضها على الشركات والمتاجر في البلدة، بإجبارها على دفع مبالغ باهظة لها، مؤكدا على أن اللجنة نجحت في معظم مهامها.

ولفت إلى أن لجنة الحراسة في كفر قاسم نموذج قائم منذ عشرات السنين كلجنة تطوعية، ومنذ عام 2013 تم إحياء اللجنة مجددا، وعمل رئيس البلدية عادل بدير على مأسسة اللجنة وترتيبها وتخصيص ميزانية لها، ضمن الجهوذ المبذولة لتلقيص الجرائم في البلدة والتصدي لها.

من جانبه، المرشد الاجتماعي وهبي عامر - أحد أهالي بلدة كفر قاسم - بين لـ قدس الإخبارية، إن ما يدور في كفر قاسم غير مرتبط بأحداث وقعت قبل أيام فقط، بل بأحداث متواصلة ومتراكمة منذ سنوات، "كفر قاسم تفقد شبابها وأطفالها وأهم رجالها، وشرطة الاحتلال لا تفعل شيء، رغم وجود مقر لها داخل البلدة". 

ويوضح عامر أن في ظل حالة الاحتقان والغضب السائد في كفر قاسم، فجرت شرطة الاحتلال الوضع بالاعتداء على رئيس لجنة الحراسات بدل من اعتقال مرتكبي جرائم القتل الأخيرة، مؤكداً أن "شرطة الاحتلال تحاول تأجيج الوضع بشكل أكبر في البلدة، وتعتدي على شخصية مهمة في كفر قاسم، شباب البلدة ما عادوا يستحملون هذه الضغوطات وهو ما قاد لتفجير المواجهات وإحراق مركز شرطة الاحتلال ومركباته".

ويضيف، "قتل وراء قتل هو ما نعيشه في كفر قاسم، فيما أصبح أبناؤنا يعيشون في حالة خوف مستمر"، ويؤكد عامر أن أهالي كفر قاسم أصبحوا متيقنين أن شرطة الاحتلال ترفض وجود لجنة الحراسة داخل البلدة، "شرطة الاحتلال تريدنا أن نلتجأ لها، على الرغم أنها لا تعيطنا أي خدمات ولا توفر لنا الأمان، وهو ما دفعنا لخلق لجنة حراسة تهتم بكفر قاسم وشبابها".