شبكة قدس الإخبارية

خاطفة الطائرات ليلى خالد

وسيم وني

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: عرفت باسمها الحركي "شادية ابو غزالة" في شعبة العمليات الخارجية حيث أظهرت الحرفية الكبيرة في التدريبات العسكرية التي تلقتها في الأردن حتى كلفت بعملية فدائية وهذه المرة لم تكن العملية ضد الاحتلال الإسرائيلي مباشرة إنما كانت لخطف طائرة أمريكية كانت متجهة وقتها إلى تل أبيب في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948، لتسجل دخول أول امرأة فلسطينية في العمليات الفدائية بخطف الطائرات، وكان الهدف من العملية إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، إنها المناضلة ليلى خالد.

نشأتها

ولدت المناضلة ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944 حيث كانت لا تزال فلسطين تحت سلطة الانتداب البريطاني، وفي عام 1948 نزحت مع عائلتها من فلسطين إلى جنوب لبنان حيث كانت نشأتها والتي حملت في طياتها شوقها إلى فلسطين، وعند انطلاق الثورة الفلسطينية المسلحة عام 1967 كانت في حينها تعمل في مدرسة في الكويت وتقطن بالسكن الداخلي للمدرسة عندها التحقت بحركة القوميين العرب المؤسسة من قبل الحكيم  جورج حبش ووديع حداد لتنبثق عنها لاحقا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

خطف الطائرات

إلى يومنا هذا لا يمكننا أن ننسى ملامح  الشابة السمراء التي نالت إعجاب العالم أجمع، وأثارت قلق ومخاوف الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه، بعملية جريئة في 28 أغسطس من عام 1969 خطفت خلالها طائرة أمريكية، لتحلق بها فوق سماء تل أبيب في فلسطين على علو منخفض فوق مسقط رأسها مدينة "حيفا" التي هجرت منها قصرا وهي في الرابعة من عمرها.

وبعد عام واحد نفذت عملية أخرى حاولت من خلالها خطف طائرة أخرى تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية.. لم تعر اهتماما إلى أن صورتها أصبحت معروفة واسمها مطلوبا لدى كافة أجهزة المخابرات العالمية، لتجري عملية  جراحة تجميلية غيرت من خلالها ملامحها وتزودت بجواز سفر هوندوراسي، بذلك استطاعت أن تخدع أجهزة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي بمطار "أمستردام"، وتمكنت من الصعود إلى طائرة "العال" وخطفها، إلا أن النجاح لم يحالف تلك العملية، حيث قتل رفيقها في العملية، وأصيبت هي بجراح خطيرة، وسُجنت في لندن.

عندما سمع أحد الشبان الفلسطينيين الذي كان يعيش في إمارة دبي في الإمارات العربية بالخبر، عز عليه أن تتعرض هذه الفتاة الأسطورة  للسجن، فأخرج تذكرة على متن طائرة بريطانية، ولبس "مايوه" سباحة منتفخا، موهما طاقم الطائرة بأنه حزام ناسف، فتمكن من خطف الطائرة نحو بيروت، ثم إلى الأردن؛ وهو ما منح زملاء ليلى خالد في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ورقة ضغط ثمينة مكنتهم من مفاوضة البريطانيين، وإخراجها من سجنها في لندن بعد 28 يوما فقط.

محاولة إغتيالها الفاشلة في لبنان عام 1971

في عام 1971 كانت تحركات ليلى خالد تتم بتعليمات من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من منزل إلى آخر في لبنان. وكانت تشرف في حينها على تدريب بعض الوحدات التابعة للجبهة عسكريا وفي ليلة، عادت إلى بيت كانت تتشارك السكنى فيه مع رفيقة لها في الجبهة، كانت في ذلك الوقت ضمن وفد غادر في مهمة إلى أميركا الجنوبية، عادت خالد في حدود الثانية عشر منتصف الليل واكتشفت أسفل فراشها، رزمة ملصوقة أسفل السرير فسارعت خالد لإبلاغ مكتب تابع للجبهة الشعبية، كان يجب عليها ألا تذهب إليه تحت أي ظرف، ما أثار استغراب رفاقها هناك.

وحين ذهب اختصاصيو الجبهة الشعبية إلى منزل ليلى خالد، اكتشفوا عبوة TNT تنفجر بالضغط ، بعد ذلك بفترة قصيرة، قال "عيزرا وايزمان"، وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك: "إن إسرائيل لن تترك  لليلى خالد مكانا آمنا لتنام فيه وكان حديث وايزمان يعني تصفيتها، ما دعا الجبهة الشعبية لاتخاذ قرار بإخفائها عن الأنظار.

وفي 1972، اتخذت الجبهة الشعبية قرارا بنقل ليلى خالد إلى المخيمات الفلسطينية لأنها أكثر أمنا، خصوصا بعد اغتيال غسان كنفاني، وكمال ناصر، وكمال عدوان، وأبو يوسف النجار في بيروت خارج المخيمات، وعاشت خالد لفترة في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة.

وتعيش ليلى خالد حاليا مع زوجها الطبيب والكاتب في عمّان، إلى جانب إبنيهما, وهي لا تزال تحلم بالعودة إلى فلسطين واستعادة أرضها السليبة وهي عضو في المجلس الوطني الفلسطيني ويُمنع عليها دخول العديد من البلدان، لكن أملها لا يزال حياً وتُعبر عن إرادتها في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.

بنموذج ليلى خالد نقول إن المرأة الفلسطينية قدمت نموذجاً مختلفاً عن كل نساء العالم، وقد يكون النموذج الأشد صعوبة والأكثر قسوة، لكنها حافظت على عزيمتها وصمودها وتصميمها على أن تكمل النضال حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.